(وَأَلْقَى بِكَفَّيْهِ الْفَتَى اسْتِكَانَةً ... مِنَ الْجُوعِ ضَعْفًا مَا يُمِرُّ وَمَا يُحْلِي)
(وَلَا شَيْءَ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ عِنْدَنَا ... سِوَى الْحَنْظَلِ الْعَامِّيِّ وَالْعِلْهِزِ الْفَسْلِ)
(وَلَيْسَ لَنَا إِلَّا إِلَيْكَ فِرَارُنَا ... وَأَيْنَ فِرَارُ النَّاسِ إِلَّا إِلَى الرُّسْلِ) قَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ الْعِلْهِزِ اسْمٌ لِلنَّرْجِسِ وَيُقَالُ لِلْيَاسَمِينِ
فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مَرِيعًا غَدَقًا طَبَقًا عَاجِلًا غَيْرَ رائت نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ تَمْلَأُ بِهِ الضَّرْعَ وَتُنْبِتُ بِهِ الزَّرْعَ وَتُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تَخْرُجُونَ
قَالَ فَمَا رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ يَدَيْهِ إِلَى نَحْرِهِ حَتَّى الْتَقَتِ السَّمَاءُ بِأَرْوَاقِهَا وَجَاءَ أَهْلُ الْبِطَانَةِ يَضِجُّونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْغَرَقَ الْغَرَقَ فَرَفَعَ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا فَانْجَابَ السَّحَابُ عَنِ الْمَدِينَةِ حَتَّى أَحْدَقَ بِهَا كَالْإِكْلِيلِ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَالَ لِلَّهِ أَبُو طَالِبٍ! لَوْ كَانَ حَيًّا قَرَّتْ عَيْنَاهُ مَنِ الَّذِي يُنْشِدُنَا قَوْلَهُ فَقَامَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّكَ أَرَدْتَ قَوْلَهُ
(وَأَبْيَضُ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... ثِمَالُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ)
يَلُوذُ بِهِ الْهُلَّاكُ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... فَهُمُ فِي نِعْمَةٍ وَفَوَاضِلِ)
(كَذَّبْتُمْ وَبَيْتِ اللَّهِ يُبْزَى مُحَمَّدٌ ... وَلِمَا نُقَاتِلُ دُونَهُ وَنُنَاضِلِ)
(وَنُسْلِمُهُ حَتَّى نُصَرَّعَ حَوْلَهُ ... وَنَذْهَلَ عَنْ أَبْنَائِنَا وَالْحَلَائِلِ) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَلْ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ كِنَانَةَ فَقَالَ
(لَكَ الْحَمْدُ مِمَّنْ شَكَرْ ... سُقِينَا بِوَجْهِ النَّبِيِّ الْمَطَرْ) فَذَكَرَ الْأَبْيَاتَ عَلَى حَسَبِ مَا كَتَبْتُهَا فِي التَّمْهِيدِ