وَقَدْ رَوَى الثِّقَاتُ حَدِيثَ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ على معنى حديث بن عُمَرَ فَصَارَ حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ مختلفا فيه ولم يختلف في حديث بن عُمَرَ إِلَّا بِمَا جَاءَ مِنْ شَكِّ مَالِكٍ فِي رَفْعِهِ وَشَكُّهُ فِي ذَلِكَ مَرْدُودٌ إِلَى يَقِينِ سَائِرِ مَنْ رَوَاهُ بِغَيْرِ شَكٍّ وَالشَّكُّ لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ وَالْيَقِينُ مَعْمُولٌ عَلَيْهِ وَالرِّوَايَةُ الَّتِي رُوِيَتْ فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حثمة بمعنى حديث بن عُمَرَ رَوَاهَا يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ صَلَاةَ الْخَوْفِ فَذَكَر مِثْلَ حَدِيثِ بن عُمَرَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ فِي التَّمْهِيدِ
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ أَبُو يُوسُفَ وبن عُلَيَّةَ لَا تُصَلَّى صَلَاةُ الْخَوْفِ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِمَامٍ وَاحِدٍ وَإِنَّمَا تُصَلَّى بَعْدَهُ بِإِمَامَيْنِ يُصَلِّي كُلٌّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ
وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلوة فلتقم طائفة منهم معك) النساء 102
قَالُوا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُمْ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ كَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ يُؤْثِرُ بِنَصِيبِهِ فِيهِ غَيْرَهُ وَكُلُّهُمْ كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَأْتَمَّ بِهِ وَيُصَلِّيَ خَلْفَهُ وَلَيْسَ أَحَدٌ بَعْدَهُ يَقُومُ بِالْفَضْلِ مَقَامَهُ وَالنَّاسُ بَعْدَهُ تَسْتَوِي أَحْوَالُ أَهْلِ الْفَضْلِ مِنْهُمْ أَوْ تَتَقَارَبُ
وَلَيْسَ بِالنَّاسِ حَاجَةٌ إِلَى إِمَامٍ وَاحِدٍ عِنْدَ الْخَوْفِ بل يصلي بطائفة من شاؤوا وَتَحْتَرِسُ الْأُخْرَى فَإِذَا فَرَغَتْ صَلَّى بِالنَّاسِ مِنْهُمْ مَنْ يُقَدِّمُونَهُ كَذَلِكَ
هَذِهِ جُمْلَةُ مَنِ احْتَجَّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ أَبِي يُوسُفَ فِي ذَلِكَ
وَمِنِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ لِسَائِرِ الْعُلَمَاءِ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ) التَّوْبَةِ 103 يَنُوبُ فِيهَا مَنَابَهُ وَيَقُومُ فِيهَا مَقَامَهُ الْخُلَفَاءُ وَالْأُمَرَاءُ بَعْدَهُ
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ) النِّسَاءِ 102
وَمِنِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَا خُوطِبَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَتْ فِيهِ أُمَّتُهُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (فَلَمَّا قَضَى زيد منها وطرا زوجنكها لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أزوج أَدْعِيَائِهِمْ) الْأَحْزَابِ 37 وَمِثْلُهُ (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ في ءايتنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) الْأَنْعَامِ 68 هُوَ الْمُخَاطَبُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّتُهُ دَاخِلَةٌ فِي ذَلِكَ وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ
وَأَمَّا مُرَاعَاةُ الْقِبْلَةِ لِلْخَائِفِ فِي الصَّلَاةِ فَسَاقِطَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالشَّافِعِيِّ إِذَا