الاستذكار (صفحة 656)

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ شُهُودُهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لَا يُرَخَّصُ فِي تَرْكِهَا لِلْقَادِرِ عَلَيْهَا وَمَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا وَأَتَى بِهَا فِي بَيْتِهِ جَزَتْ عَنْهُ إِلَّا أَنَّ مَنْ صَلَّاهَا فِي الْمَسْجِدِ جَمَاعَةً أَفْضَلُ مِنْهُ وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ دَلَائِلُ يَطُولُ ذِكْرُهَا

وَقَالَ دَاوُدُ وَسَائِرُ أَهْلِ الظَّاهِرِ حُضُورُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فَرْضٌ مُتَعَيَّنٌ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ مِنَ الرِّجَالِ إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَيْهَا كَالْجُمُعَةِ

وَقَالُوا لَا تُجْزِئُ الْفَذَّ صَلَاتُهُ إِلَّا بَعْدَ صَلَاةِ النَّاسِ وَبَعْدَ أَلَّا يَجِدَ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ مَنْ يُصَلِّي مَعَهُ

وَاحْتَجُّوا فِي إِيجَابِ شُهُودِ الْجَمَاعَةِ فَرْضًا بِأَشْيَاءَ مِنْهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِحْرَاقِ بُيُوتِ الْمُتَخَلِّفِينَ عَنِ الصَّلَاةِ مَعَهُ

وَقَالُوا لَا يَحْرِقُ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ إِلَّا لِتَرْكِهِمْ مَا قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِمْ

وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِهِ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِظَوَاهِرِ آثَارٍ مِنْهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ وَلِابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ حِينَ اسْتَأْذَنَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي التَّخَلُّفِ عَنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ أَتَسْمَعُ النِّدَاءَ قَالَ نَعَمْ قَالَ لَا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ

وَقَوْلُهُ فَمَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ وَلَمْ يَجِبْ فَلَا صَلَاةَ لَهُ

وَهَذَا الْقَوْلُ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ خَرَجَ عَلَى شُهُودِ الْجُمُعَةِ لَا عَلَى شُهُودِ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِهَا

وَكَذَلِكَ قوله لعتبان بن مالك وبن أُمِّ مَكْتُومٍ

هَذَا لَوْ صَحَّ الْأَثَرُ بِمَا ذَكَرُوا فَكَيْفَ وَهِيَ آثَارٌ فِيهَا عِلَلٌ وَهِيَ محتملة للتأويل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015