وَأَمَّا مَالِكٌ فَالصَّحِيحُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ
وَقَدْ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَمُحَمَّدٌ لَا يَقْطَعُ
وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِنَا
وَلَوْلَا إِيجَابُ أَبِي حَنِيفَةَ الْوِتْرَ مَا رَأَى الْقَطْعَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
فَإِنْ قِيلَ إِنَّمَا أَمَرَ بِقَطْعِ صَلَاةِ الصُّبْحِ لِلْوِتْرِ لِأَنَّ الْوِتْرَ لَا يُقْضَى وَلَا يُصَلَّى بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَإِنَّمَا وَقْتُهُ قَبْلَ الْفَجْرِ وَقَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ عِنْدَنَا وَهُوَ مِنَ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ فَمَنْ نَسِيَهُ ثُمَّ ذَكَرَهُ وَهُوَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ قَطَعَهَا إِذَا كَانَ فِي سَعَةٍ مِنْ وَقْتِهَا وَصَلَّى الْوِتْرَ ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ فَيَكُونُ قَدْ أَتَى بِالسُّنَّةِ وَالْفَرِيضَةِ فِي وَقْتِهَا
قِيلَ لَيْسَ لِهَذَا أَصْلٌ فِي الشَّرْعِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهِ بَلِ الْأَصْلُ أَنْ لَا يُبْطِلُ الْإِنْسَانُ عَمَلَهُ وَلَا يَخْرُجُ مِنْ فَرْضِهِ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّهُ لِغَيْرِ وَاجِبٍ عَلَيْهِ
وَمَعْلُومٌ أَنَّ إِتْمَامَ مَا وَجَبَ إِتْمَامُهُ فَرْضٌ وَالْوِتْرَ سُنَّةٌ فَكَيْفَ يُقْطَعُ فَرْضٌ لِسُنَّةٍ!
وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ لَا تُقْطَعُ صَلَاةُ فَرِيضَةٍ لِصَلَاةٍ مَسْنُونَةٍ فِيمَا عَدَا الْوِتْرَ وَاخْتَلَفُوا فِي قَطْعِهَا لِلْوِتْرِ فَالْوَاجِبُ رَدُّ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ إِلَى مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ
وَكَذَلِكَ أَجْمَعَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ أَنَّهُ لَا يَقْطَعُ صَلَاةَ الصُّبْحِ لِلْوِتْرِ إِنْ كَانَ خَلْفَ إِمَامٍ فَكَذَلِكَ الْمُنْفَرِدُ قِيَاسًا وَنَظَرًا وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِيمَنْ أَحْرَمَ بِالتَّيَمُّمِ فَطَرَأَ عَلَيْهِ الْمَاءُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهُ يَتَمَادَى وَلَا يَقْطَعُ وَهَذَا كَانَ أُولَى مِنَ الْقَطْعِ لِلْوِتْرِ
وَقَدْ أَوْضَحْنَا ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
250 - مالك عن نافع عن بن عُمَرَ أَنَّ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ عَنِ الْأَذَانِ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تقام الصلاة