صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ يَذْهَبُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ
فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَبَهَا مَنْ لَا يَعْقِلُهَا وَلَا يُقِيمُهَا عَلَى حُدُودِهَا وَأَنَّ كُلَّ مَا شَغَلَ الْقَلْبَ عَنْهَا وَعَنِ الْخُشُوعِ فِيهَا فَوَاجِبٌ تَرْكُهُ وَاسْتِعْمَالُ الْفَرَاغِ لَهَا بِقَلْبٍ مُقْبِلٍ عَلَيْهَا
وَقَدْ قَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (لا تقربوا الصلوة وأنتم سكرى) النِّسَاءِ 43 قَالَ مِنَ النَّوْمِ
وَمَا أَعْلَمُ أُحُدًا تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ
وَقَدْ يُسْتَدَلُّ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّ النُّعَاسَ وَهُوَ النَّوْمُ الْيَسِيرُ لَا يَنْقَضُ الصَّلَاةَ وَإِذَا لَمْ يَنْقُضِ الصَّلَاةَ لَمْ يَنْقُضِ الْوُضُوءِ
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ النُّعَاسَ لَيْسَ بِالنَّوْمِ الثَّقِيلِ قَوْلُ الشَّاعِرِ
(وَسْنَانُ أَقْصَدَهُ النُّعَاسُ فَرَنَّقَتْ ... فِي عَيْنِهِ سِنَةٌ وَلَيْسَ بِنَائِمِ) وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعْنًى يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى الْقَوْلِ غَيْرُ مَا وَصَفْنَا إِلَّا أَنْ يَسْتَدِلَّ مُسْتَدِلٌّ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمَرْءِ أَنْ يَسُبَّ نَفْسَهُ وَذَلِكَ بِأَنْ يَسْتَسِبَّ لَهَا وَهَذَا فِيهِ مِنَ النُّصُوصِ مَا يُغْنِي عَنِ الِاسْتِدْلَالِ
228 - وَفِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ امْرَأَةً مِنَ اللَّيْلِ تُصَلِّي فَقَالَ مَنْ هَذِهِ فَقِيلَ الْحَوْلَاءُ بِنْتُ تُوَيْتٍ لَا تَنَامُ اللَّيْلَ فَكَرِهَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى عَرَفْتُ الْكَرَاهِيَةَ