الاستذكار (صفحة 457)

قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلِ الْإِمَامُ فَاقْرَأْ مَعَهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ عَلَى كُلِّ حَالٍ

وَأَمَّا مَالِكٌ فَأَنْكَرَ السَّكَتَاتَ وَلَمْ يَعْرِفْهَا قَالَ لَا يَقْرَأُ أَحَدٌ مَعَ الْإِمَامِ إِذَا جَهَرَ لَا قِبَلَ الْقِرَاءَةِ وَلَا بَعْدَهَا

وَقَدْ ذَكَرْنَا عِلَلَ حَدِيثِ السكتتين وعلة حديث بن إِسْحَاقَ فِي كِتَابِ التَّمْهِيدِ وَكَذَلِكَ حَدِيثَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَائِشَةَ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَيْسَ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَسْكُتَ إِذَا كَبَّرَ وَلَا إِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ وَلَا إِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ وَلَا يَقْرَأُ أَحَدٌ خَلَفَ إِمَامِهِ لَا فِيمَا أَسَرَّ وَلَا فِيمَا جَهَرَ

وَهُوَ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ علي وبن مسعود

وبه قال الثوري وبن عيينة وبن أَبِي لَيْلَى وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ

وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ بِالْعِرَاقِ

وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ حَدِيثُ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ ((مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ فَقِرَاءَتُهُ لَهُ قِرَاءَةٌ))

وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ

وَجَابِرٌ الْجُعْفِيُّ لَا حُجَّةَ فِيمَا يَنْفَرِدُ بِهِ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ لِسُوءِ مَذْهَبِهِ وَكَانَ الثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ يُثْنِيَانِ عَلَيْهِ بالحفظ وأما بن عُيَيْنَةَ فَكَانَ يَحْمِلُ عَلَيْهِ

وَرَوَى يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ ((كُلُّ رَكْعَةٍ لَا يُقْرَأُ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَلَمْ تُصَلَّ إِلَّا وَرَاءَ إِمَامٍ))

وَهُوَ حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ إِلَّا مَوْقُوفًا عَلَى جَابِرٍ

واحتجوا أيضا بحديث بن مسعود قال كانوا يقرؤون خَلْفَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَالَ ((خَلَطْتُمْ عَلِيَّ))

وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ فِي الْجَهْرِ لِأَنَّ التَّخْلِيطَ لَا يَقَعُ فِي صَلَاةِ السِّرِّ

وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ حَدِيثُ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ((مَالِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ)) وَهَذَا فِي الْجَهْرِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015