وَالْوَجْهُ الْآخَرُ أَنَّ الصَّدَقَةَ كُلَّهَا مَكْرُوهَةٌ لِكُلِّ مَنْ يَجِدْ عَنْهَا بُدًّا بِقُوَّتِهِ عَلَى الِاكْتِسَابِ وَالتَّخَوُّفِ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ
وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَقَدْ أَوْضَحْنَا الْمَعْنَى الَّذِي يُحَرِّمُ الصَّدَقَةَ عَلَى السَّائِلِ فِيمَا تَقَدَّمَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَفِي هَذَا عِنْدِي حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ فِي الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ إِنَّهُ مَاءُ الذُّنُوبِ كَرَاهَةً لَهُ لِأَنَّهَا تُنَجِّسُهُ
1890 - مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ عَلَى الصَّدَقَةِ فَلَمَّا قَدِمَ سَأَلَهُ إِبِلًا مِنَ الصَّدَقَةِ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى عُرِفَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ وَكَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِهِ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ أَنْ تَحْمَرَّ عَيْنَاهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَسْأَلُنِي مَا لَا يَصْلُحُ لِي وَلَا لَهُ فَإِنْ مَنَعْتُهُ كَرِهْتُ الْمَنْعَ وَإِنْ أَعْطَيْتُهُ أَعْطَيْتُهُ مَا لَا يَصْلُحُ لِي وَلَا لَهُ فَقَالَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا أَسْأَلُكَ مِنْهَا شَيْئًا أَبَدًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ جَمِيعِ رُوَاتِهِ فِيمَا عَلِمْتُ رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْبَلْخِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَنَسٍ
وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي التَّمْهِيدِ وَالصَّحِيحِ مَا فِي الْمُوَطَّأِ وَالْقَوْلُ فِي مَعْنَاهُ بَيِّنٌ لِأَنَّ الْأَشْهَلَ الْأَنْصَارِيَّ سَأَلَهُ عَنِ الصَّدَقَةِ مَا اسْتَحَقَّهُ بِعُمَالَتِهِ عَلَيْهَا وَكَانَ غَنِيًّا عِنْدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ حَدَّ الْغِنَى عِنْدَ نَفْسِهِ فَسَأَلَ مَا يَظُنُّهُ حَلَالًا لَهُ فَأَتَاهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَانَ لَهُ بِهِ عِلْمُ مَا يَحِلُّ لَهُ مِنَ الصدقة الواجبة فكف عن ذلك