الاستذكار (صفحة 4075)

ثُمَّ أَتْبَعَ الْحَدِيثَ بِقَوْلِ امْرَأَتِكَ أَنْفِقْ عَلَيَّ أَوْ طَلِّقْنِي وَيَقُولُ مَمْلُوكُكَ أَنْفِقْ عَلَيَّ أَوْ بِعْنِي وَيَقُولُ وَلَدُكَ أَنْفِقْ عَلَيَّ إِلَى مَنْ تَكِلُنِي

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا بَيِّنٌ فِي نَفَقَاتِ الزَّوْجَاتِ وَالْمَمَالِيكِ وَالْبَنِينَ الصِّغَارِ وَالْبَنَاتِ

وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي وُجُوبِ النَّفَقَاتِ جُمْلَةً عَلَى مَا ذَكَرْنَا

وَتَلْخِيصُ مَا يَجِبُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْغَنِيِّ مِنَ النَّفَقَةِ وَالْفَقِيرِ مَذْكُورٌ فِي الْبَابِ التَّالِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ

1839 - مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى الْعَوَالِي كُلَّ يَوْمِ سَبْتٍ فَإِذَا وَجَدَ عَبْدًا فِي عَمَلٍ لَا يُطِيقُهُ وَضَعَ عَنْهُ مِنْهُ

قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مَنِ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً أَنْ يَأْمُرَ فِيهَا بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَمِنَ الْمُنْكَرِ الَّذِي يَلْزَمُ السُّلْطَانُ تَغْيِيرُهُ أَنْ يُكَلَّفَ الْعَبْدُ مِنَ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ

رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنِ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً فَلَمْ يُحِطْهَا بِالنَّصِيحَةِ لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ

وَلَمْ يَفْعَلْ عُمَرُ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا مَا امْتَثَلَ فِيهِ بِسُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ وَلَا يُكَلَّفُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا يُطِيقُ

وَكَذَلِكَ عُمَرُ كَانَ يَفْعَلُ بِالدَّوَابِّ إِذَا رَأَى عَلَيْهَا مَا يَشُقُّ بِهَا مِنَ الْحُمُولَةِ أَمْرٌ بِالتَّخْفِيفِ عَنْهَا

وَمِنْ هَذَا الْبَابِ أَيْضًا السُّفُنُ الْجَارِيَةُ فِي الْبَحْرِ وَاجِبٌ عَلَى السُّلْطَانِ أَنْ يَتَفَقَّدَ أَمْرَهَا فَإِنْ حَمَلَتْ مَا لَا يُطِيقُ مَعَهُ الْقِيَامُ بِحَمْلِهِ عِنْدَ الْهَوْلِ وَيَضْعُفُ عَنْهُ أَمْرُ رَبِّهَا فِي التَّخْفِيفِ مِنْ شَحْنَتِهَا حَتَّى تَسْتَقْبِلَ وَيَطِيبَ جَرْيُهَا وَيَكُونَ مَعَ ذَلِكَ السَّلَامَةُ فِي الْأَغْلَبِ مِنْ حَالِهَا

وَبَابُ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ يَتَّسِعُ جِدًّا وَمَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِلَّهِ فَهَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015