قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَكْثَرَ أَهْلُ الْحَدِيثِ مِنْ تَخْرِيجِ الْآثَارِ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَكْثَرَ الْمُتَكَلِّمُونَ فِيهِ مِنَ الْكَلَامِ وَالْجِدَالِ
وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَمُجْتَمِعُونَ عَلَى الْإِيمَانِ بِالْقَدَرِ عَلَى مَا جَاءَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ وَمِثْلِهِ مِنْ ذَلِكَ وَعَلَى اعْتِقَادِ مَعَانِيهَا وَتَرْكِ الْمُجَادَلَةِ فِيهَا
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ مَرْوَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي السَّوَّارِ الْعَدَوِيِّ عَنْ حَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ رُفِعَ الْكِتَابُ وَجَفَّ الْقَلَمُ وَأُمُورٌ تُقْضَى فِي كِتَابٍ قَدْ خَلَا
قَالَ وَحَدَّثَنِي مَرْوَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو حَاتِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي الْأَصْمَعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَمَا وَاللَّهِ لَوْ كُشِفَ الْغِطَاءُ لَعَلِمَتِ الْقَدَرِيَّةُ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ
وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ كَانَ الْحَسَنُ إِذَا قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ (هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ في بطون أمهتكم) النَّجْمِ 32 قَالَ عَلِمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كُلَّ نَفْسٍ مَا هِيَ عَامِلَةٌ وَإِلَى مَا هِيَ صَائِرَةٌ وَرَوَى أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ سَأَلْتُ أَعْرَابِيًّا عَنِ الْقَدَرِ فَقَالَ ذَلِكَ عِلْمٌ اخْتَصَمَتْ فِيهِ الظُّنُونُ وَتَغَالَبَ فِيهِ الْمُخْتَلِفُونَ
وَالْوَاجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَرُدَّ مَا أَشْكَلَ عَلَيْنَا مِنْ حُكْمِهِ إِلَى مَا سَبَقَ فِيهِ مِنْ عِلْمِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَحْسَنُ مَا رَأَيْتُ رِجْزًا فِي مَعْنَى الْقَدَرِ قَوْلُ ذِي النُّونِ إِبْرَاهِيمَ الْإِخْمِينِيِّ
(قَدَّرَ مَا شَاءَ كَيْفَ شَاءَ ... وَلَمْ يُطْلِعْ عَلَى عِلْمِ غَيْبِهِ بَشَرَا)
(وَيَرَى مِنَ الْعِبَادِ مُنْفَرِدًا ... مُحْتَجِبًا فِي السَّمَاءِ لَيْسَ يُرَى)
(ثُمَّ جَرَى بِالَّذِي قَضَى قَلَمٌ ... أَجْرَاهُ فِي اللَّوْحِ رَبُّنَا فَجَرَى)
(لَا خَيْرَ فِي كَثْرَةِ الْجِدَالِ وَلَا ... فِي مَنْ تَعَدَّى فَأَنْكَرَ الْقَدَرَ)
(مِنْ يَهْدِهِ اللَّهُ لَنْ يَضِلَّ وَمَنْ ... يُضْلِلْ فَلَنْ يَهْتَدِيَ وَقَدْ خَسِرَا)
(دَعْوَتُهُ لِلْعِبَادِ شَامِلَةٌ ... وَخَصَّ بِالْخَيْرِ مِنْهُمْ نَفَرًا)
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) الذريات 56
وروي عن بن عَبَّاسٍ إِلَّا لِيَعْبُدُونِي قَالَ لِيُقِرُّوا بِالْعُبُودِيَّةِ طَوْعًا وكرها