مِنْهُ أَوِ الْقَلِيلُ أَنَّهُ الْخَمْرُ الْمُحَرَّمَةُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا وَأَنَّ مُسْتَحِلَّهَا كَافِرٌ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ
هَذَا كُلُّهُ مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ
وَاخْتَلَفُوا فِي شَارِبِ الْمُسْكِرِ مِنْ غَيْرِ خَمْرِ الْعِنَبِ إِذَا لَمْ يُسْكِرْ
فَأَهْلُ الْحِجَازِ يَرَوْنَ الْمُسْكِرَ حَرَامًا وَيَرَوْنَ فِي قَلِيلِهِ الْحَدَّ كَمَا فِي كَثِيرِهِ عَلَى مَنْ شَرِبَهُ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَجَمَاعَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ
وَأَمَّا فُقَهَاءُ الْعِرَاقِ فَجُمْهُورُهُمْ لَا يَرَوْنَ فِي الْمُسْكِرِ عَلَى مَنْ شَرِبَهُ حَدًّا إِذَا لَمْ يُسْكِرْ وَلَا يَدْعُونَ مَا عَدَا خَمْرِ الْعِنَبِ خَمْرًا وَيَدْعُونَهُ نَبِيذًا
وَسَنَذْكُرُ الْحُجَّةَ لِأَهْلِ الْحِجَازِ فِي قَوْلِهِمْ هَذَا إِذْ هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا فِي هَذَا الْبَابِ عِنْدَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سُئِلَ عَنِ الْبِتْعِ وَهُوَ شَرَابُ الْعَسَلِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ
وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِي حَدِّ عَصِيرِ الْعِنَبِ الَّذِي إِذَا بَلَغَهُ كَانَ خَمْرًا فَاخْتِلَافٌ مُتَقَارِبٌ فَنَذْكُرُهُ هُنَا لتكمل فائدة الكتاب بذلك
روى بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَعْتَبِرُ الْغَلَيَانَ فِي عَصِيرِ الْعِنَبِ وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ وَلَا إِلَى ذَهَابِ الثُّلُثَيْنِ فِي الْمَطْبُوخِ وَقَالَ أَنَا أَحُدُّ كُلَّ مَنْ شَرِبَ شَيْئًا مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ وَإِنْ قَلَّ إِذَا كَانَ يَسْكَرُ منه
وهو قول الشافعي
وقال اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ لَا بَأْسَ بِشُرْبِ عَصِيرِ الْعِنَبِ مَا لَمْ يَغْلِ وَلَا بَأْسَ بِشُرْبِ مَطْبُوخِهِ إِذَا ذَهَبَ الثُّلُثَانِ وَبَقِيَ الثُّلُثُ
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ اشْرَبْ عَصِيرَ الْعِنَبِ حَتَّى يَغْلِيَ وَغَلَيَانُهُ أَنْ يَقْذِفَ بِالزَّبَدِ فَإِذَا غَلَى فَهُوَ خمر