وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا مَنْصُوصًا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَهُوَ الْقِيَاسُ الصَّحِيحُ لِأَنَّ قَطْعَ الْيَدِ فِي السَّرِقَةِ حَقٌّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا يقام الا مرة لما تقدم كالزنى لَا يُقَامُ فِيهِ الْحَدُّ إِلَّا مَرَّةً عَلَى الزَّانِي مِرَارًا مَا لَمْ يُحَدَّ فَإِنْ عَادَ بَعْدَ الْحَدِّ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ مَرَّةً أُخْرَى وَهَكَذَا ابدا في السرقة
والزنى أَصْلٌ آخَرُ مِنَ الْإِجْمَاعِ أَيْضًا فِي الرَّجُلِ يَطَأُ امْرَأَةً قَدْ نَكَحَهَا نِكَاحًا فَاسِدًا أَوْ نِكَاحًا صَحِيحًا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ بِوَطْءٍ مَرَّةً وَلَوْ وَطَأَهَا بَعْدَ ذَلِكَ مِرَارًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ
1555 - مَالِكٌ أَنَّ أَبَا الزِّنَادِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَامِلًا لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَخَذَ نَاسًا فِي حِرَابَةٍ وَلَمْ يَقْتُلُوا أَحَدًا فَأَرَادَ أَنْ يَقْطَعَ أَيْدِيَهُمْ أَوْ يَقْتُلَ فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي ذَلِكَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَوْ أَخَذْتَ بِأَيْسَرِ ذَلِكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ فِي (الْمُوَطَّأِ) مِثْلُهُ فِي الْمُحَارِبِينَ غَيْرُ هَذِهِ وَهِيَ لَمْحَةٌ كَمَا تَرَى فَلْنَذْكُرْ أَحْكَامَ الْمُحَارِبِينَ بِأَخْصَرِ مَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ بِعَوْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِعَامِلِهِ فِي الْمُحَارِبِينَ الَّذِينَ لَمْ يُقْتَلُوا لَوْ أَخَذْتَ بِأَيْسَرَ ذَلِكَ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى تَخْيِيرِ الْإِمَامِ فِي عُقُوبَةِ الْمُحَارِبِينَ عَلَى ظَاهِرِ الْقُرْآنِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ) الْمَائِدَةِ 33
فَقَالَتْ طَائِفَةٌ قَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي حُكْمِ الْمُحَارِبِ إِذَا أُخِذَ فِي حِرَابَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَتُوبَ وَاخْتَلَفُوا فِي مَنْ عَنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ (انما جزؤا الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فسادا ان يقتلوا او يصلبوا) الْمَائِدَةِ 33
فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ نَزَلَتْ فِي الْكُفَّارِ المرتدين الذين اغاروا على لقاح رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَتَلُوا الرُّعَاةَ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ فَمَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ فَقَدْ حَارَبَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولَهُ فَإِذَا جَمَعَ السَّعْيَ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ وَهُوَ الْخُرُوجُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ وَقَطْعُ الطَّرِيقِ وَإِخَافَةُ السُّبُلِ فَهُوَ مِمَّنْ عُنِيَ بِالْآيَةِ
وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ أَنَسٍ رَوَاهُ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ وَأَبُو قِلَابَةَ وَقَتَادَةُ بْنُ دِعَامَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ نَفَرًا مِنْ عُكَلٍ وَعُرَيْنَةَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَتَكَلَّمُوا بِالْإِسْلَامِ وَكَانُوا أَهْلَ ضَرْعٍ