قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا صَحِيحٌ فِي قَوْلِهِ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْمُكَاتَبَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ كِتَابَتِهِ
قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدٍ لَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَبَتَّ عِتْقَ نِصْفِهِ أَوْ بَتَّ عِتْقَهُ كُلِّهِ وَقَدْ كَانَ دَبَّرَ عَبْدًا لَهُ آخَرَ قَبْلَ ذَلِكَ
قَالَ يُبْدَأُ بِالْمُدَبَّرِ قَبْلَ الَّذِي أَعْتَقَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَرُدَّ مَا دَبَّرَ وَلَا أَنْ يَتَعَقَّبَهُ بِأَمْرٍ يَرُدُّهُ بِهِ فَإِذَا عَتَقَ الْمُدَبَّرُ فَلْيَكُنْ مَا بَقِيَ مِنَ الثُّلُثِ فِي الَّذِي أَعْتَقَ شَطْرَهُ حَتَّى يَسْتَتِمَّ عِتْقَهُ كُلَّهُ فِي ثُلُثِ مَالِ الْمَيِّتِ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ فَضْلَ الثُّلُثِ عَتَقَ مِنْهُ مَا بَلَغَ فَضْلُ الثُّلُثِ بَعْدَ عِتْقِ الْمُدَبَّرِ الْأَوَّلِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمُدَبَّرَ عِنْدَهُ لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهِ لِمُدَبِّرِهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ فَإِذَا قَصَدَ إِلَى عِتْقٍ بَتْلٍ قَدْ عَلِمَ أَنَّ ثلثه يضيق عنه او لم يعلم فضاف الثُّلُثُ عِنْدَ مَوْتِهِ عَنْهُ فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَنْ قَصَدَ إِلَى إِبْطَالِ التَّدْبِيرِ فَلِذَلِكَ قُدِّمَ التَّدْبِيرُ عَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَبْطُلِ التَّدْبِيرُ
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ الْعِتْقَ الْبَتْلَ أَوْلَى مِنَ الْمُدَبَّرِ وَهُوَ الْمُبَدَّى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عِتْقٌ مُتَيَقَّنٌ لَا يَحِلُّ رَدُّهُ
وَالْمُدَبَّرُ عِنْدَهُ يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهِ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ بالثلث فكذلك بدىء الَّذِي بَتَلَ عِتْقَهُ فِي الْمَرَضِ
وَسَنَذْكُرُ قَوْلَ الْكُوفِيِّينَ فِي بَابِ مَا يُبْدَأُ مِنَ الْوَصَايَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
1516 - مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ دَبَّرَ جَارِيَتَيْنِ لَهُ فَكَانَ يَطَؤُهُمَا وَهُمَا مُدَبَّرَتَانِ
1517 - مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ كَانَ يَقُولُ إِذَا دَبَّرَ الرَّجُلُ جَارِيَتَهُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَلَا يهبها وولدها بِمَنْزِلَتِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رُوِيَ عَنِ بن عباس مثل قول بن عُمَرَ وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَفُقَهَاءُ جَمَاعَةِ الْأَمْصَارِ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ