الاستذكار (صفحة 3334)

وَأَمَّا جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ فَمَذْهَبُهُمْ أَنَّ وَلَاءَ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ إِذَا أَعْتَقَهُ النَّصْرَانِيُّ لِسَيِّدِهِ النَّصْرَانِيِّ لِأَنَّ الْوَلَاءَ نَسَبٌ مِنَ الْأَنْسَابِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ يَرِثُهُ إِنْ مَاتَ لِاخْتِلَافِ الدِّينَيْنِ كَمَا لَا يَرِثُ الْأَبُ ابْنَهُ وَلَا الِابْنُ أَبَاهُ لَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ كَافِرٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ) فَإِنْ أَسْلَمَ الْآخَرُ بَعْدَ إِسْلَامِ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا وَرِثَهُ فَكَذَلِكَ الْوَلَاءُ إِذَا أَعْتَقَ كَافِرٌ مُسْلِمًا لَمْ يَرِثْهُ إِلَّا أَنْ يُسْلِمَ فَإِنْ أَسْلَمَ وِرْثَهُ

هَذَا قول الشافعي وابي حنيفة وأصحابه وَالثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَبِهِ أَقُولُ

وَقَدْ أُجْمِعُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ عِتْقَ النَّصْرَانِيِّ أَوِ الْيَهُودِيِّ لِعَبْدِهِ الْمُسْلِمِ صَحِيحٌ نَافِذٌ جَائِزٌ عَلَيْهِ

وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ إِذَا أَسْلَمَ عَبْدُ الْكَافِرِ فَبِيعَ عَلَيْهِ أَنَّ ثَمَنَهُ يُدْفَعُ إِلَيْهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ بِيعَ وَعَلَى مِلْكِهِ ثَبَتَ الْعِتْقُ لَهُ إِلَّا أَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ لِوُجُوبِ بَيْعِهِ عَلَيْهِ فَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) النِّسَاءِ 141 يُرِيدُ الِاسْتِرْقَاقَ وَالْمِلْكَ وَالْعُبُودِيَّةَ مِلْكًا مُسْتَقِرًا لِأَنَّهُ إِذَا فَطِنَ لِمِلْكِهِ لَهُ بِيعَ عَلَيْهِ

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي شِرَاءِ الْكَافِرِ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ عَلَى قَوْلَيْنِ

أَحَدُهُمَا أَنَّ الْبَيْعَ مَفْسُوخٌ

وَالثَّانِي أَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ وَيُبَاعُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي الذِّمِّيِّ يَعْتِقُ الذِّمِّيَّ ثُمَّ يُسْلِمُ أَحَدُهُمَا قَبْلَ صَاحِبِهِ ثُمَّ يُسْلِمُ الْآخَرُ أَنَّهُ يَرِثُ مِنْهُمَا السَّيِّدُ مَوْلَاهُ الَّذِي أَنْعَمَ بِالْعِتْقِ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُسْلِمِ الْمُعْتِقُ وَكَانَ لَهُ وَلَدٌ مُسْلِمٌ وَرِثَهُ الِابْنُ الْمُسْلِمُ وَعُدَّ أَبُوهُ كَالْمَيِّتِ فِي الْمِيرَاثِ مَا دَامَ كَافِرًا كَمَا رَسَمَهُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ

وَلَوْ أَنَّ الْحَرْبِيَّ يَعْتِقُ عَبْدَهُ عَلَى دِينِهِ ثُمَّ يَخْرُجَانِ إِلَيْنَا مُسْلِمَيْنِ فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ هُوَ مَوْلَاهُ يَرِثُهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015