قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنْ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ وَعَلَى الْعَمَلِ بِذَلِكَ قَطْعًا مِنْهُمْ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ وَتَلَقِّيًا مِنْهُمْ لَهُ بِالْقَبُولِ فَسَقَطَ الْكَلَامُ فِي إِسْنَادِهِ
وَاخْتَلَفُوا فِي الْوَصِيَّةِ لِلْأَقْرَبِينَ غَيْرِ الْوَارِثِينَ هَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ لَهُمْ أَمْ لَا
فَقَالَ الْأَكْثَرُ مِنَ الْعُلَمَاءِ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ لَهُمْ لِأَنَّ أَصْلَهَا النَّدْبُ كَمَا وَصَفْنَا
وَقَالُوا الْوَصِيَّةُ لِلْأَقْرَبِينَ إِذَا كَانُوا مُحْتَاجِينَ أَفْضَلُ
وَقَالَ دَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ الْوَصِيَّةُ لِلْأَقْرَبِينَ غَيْرِ الْوَارِثِينَ وَاجِبَةٌ لِأَنَّهَا لَمْ تُنْسَخْ وَإِنَّمَا انْتُسِخَ الْوَارِثُونَ وَالْآيَةُ عِنْدَهُمْ عَلَى الْإِيجَابِ كَمَا قَدَّمْنَا عَنْهُمْ
وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ أَوْصَى لِغَيْرِ قَرَابَتِهِ وَتَرَكَ قَرَابَتَهُ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ
فَقَالَ طَاوُسٌ تُرَدُّ وَصِيَّتُهُ عَلَى قَرَابَتِهِ
وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ مِثْلُهُ
وَقَالَ الضَّحَّاكُ مَنْ أَوْصَى لِغَيْرِ قَرَابَتِهِ فَقَدْ خَتَمَ عَمَلَهُ بِمَعْصِيَةٍ
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ - أَبُو الشَّعْثَاءِ - مَنْ أَوْصَى لِغَيْرِ قَرَابَتِهِ بِثُلُثِهِ رُدَّ إِلَى قَرَابَتِهِ مِنْ ذَلِكَ ثُلُثَا الثُّلُثِ وَيَمْضِي لِمَنْ أَوْصَى لَهُ ثُلُثُ الثُّلُثِ
وَرُوِيَ مِثْلُ هَذَا عَنِ الْحَسَنِ أَيْضًا
وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَسَانِيدَ عَنْهُمْ فِي (التَّمْهِيدِ)
وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ
وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمْ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ مَنْ أَوْصَى لِغَيْرِ قَرَابَتِهِ وَتَرَكَ قَرَابَتَهُ مُحْتَاجِينَ فَبِئْسَ مَا صَنَعَ وَفِعْلُهُ مَعَ ذَلِكَ مَاضٍ جَائِزٌ لِكُلِّ مَنْ أَوْصَى لَهُ مِنْ غَنِيٍّ وَفَقِيرٍ قَرِيبٍ وَبَعِيدٍ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ
وَهُوَ مَعْنَى مَا رُوِيَ عن عمر وعائشة
وهو قول بن عمر وبن عَبَّاسٍ
وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةَ
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ أَوْصَى لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ
وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَوْصَتْ لِمَوْلَاتِهَا
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ أَوْصَى لِغَيْرِ قَرَابَتِهِ بِثُلُثِهِ فَقَالَ يَمْضِي وَلَوْ أَوْصَى أَنْ يُلْقَى ثلثه في البحر
قال بن سِيرِينَ أَمَّا فِي الْبَحْرِ فَلَا وَلَكِنْ يَمْضِي كَمَا قَالَ
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ لِلرَّجُلِ ثُلُثُهُ يَطْرَحُهُ فِي الْبَحْرِ إِنْ شاء