وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ الْأَنْصَارِيِّ الْحَارِثِيِّ الْخَزْرَجِيِّ - وَهُوَ الَّذِي أُرِي الْأَذَانَ فِي الْمَنَامِ - عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَجْهٍ فِيهِ لِينٌ وَلَكِنَّهُ يُحْتَمَلُ
وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْقَوْلِ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَئِمَّةُ الْفَتْوَى بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ فِي الْعَمَلِ بِهِ
وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ يَسْتَحِبُّ لِمَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَيْهِ بِالْمِيرَاثِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا
وَشَذَّتْ فِرْقَةٌ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ لَمْ تَعْرِفِ الْحَدِيثَ فَكَرِهَتْ لَهُ أَخْذَهَا بِالْمِيرَاثِ وَرَأَتْهُ مِنْ بَابِ الرُّجُوعِ فِي الصَّدَقَةِ
وَقَدْ مَضَى قَوْلُنَا فِي الرُّجُوعِ فِي الصَّدَقَةِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ
مِنْهَا حَدِيثُ عُمَرَ فِي الْفَرَسِ وَمِنْهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ لَحْمِ بَرَيْرَةَ فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ إِعَادَتِهِ هُنَا
وَرَوَيْنَا عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَتَصَدَّقُ بِالصَّدَقَةِ ثُمَّ يردها إليه الميراث فَقَالَ مَا رَدَّ عَلَيْكَ الْقُرْآنُ فَكُلْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ كَرِهَ رُجُوعَ الصَّدَقَةِ إِلَى الْمُتَصَدِّقِ بِهَا بِالْمِيرَاثِ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ فِي عُمُومِ آيَاتِ الْمَوَارِيثِ ومخالف الاثر وجمهور العلماء وبالله التوفيق