الاستذكار (صفحة 2744)

نَخَلَاتٍ يَخْتَارُهَا وَيُسَمِّي عَدَدَهَا فَلَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا لِأَنَّ رَبَّ الْحَائِطِ إِنَّمَا اسْتَثْنَى شَيْئًا مِنْ ثَمَرِ حَائِطِ نَفْسِهِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ شَيْءٌ احْتَبَسَهُ مِنْ حَائِطِهِ وَأَمْسَكَهُ لَمْ يَبِعْهُ وَبَاعَ مِنْ حَائِطِهِ مَا سِوَى ذَلِكَ

قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ الَّذِينَ دَارَتْ عَلَيْهِمُ الفتيا وألفت الكتب على مذاهبهم فَكُلُّهُمْ يَقُولُ إِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ أَحَدٌ ثَمَرَ حَائِطِهِ وَيَسْتَثْنِيَ مِنْهُ كَيْلًا مَعْلُومًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ بَلَغَ الثُّلُثَ أَوْ لَمْ يَبْلُغْ فَالْبَيْعُ ذَلِكَ بَاطِلٌ إِنْ وَقَعَ وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَثْنَى مُدًّا وَاحِدًا لِأَنَّ مَا بَعْدَ ذَلِكَ الْمُدِّ وَنَحْوِهِ مَجْهُولٌ إِلَّا مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ فَإِنَّهُ أَجَازَ ذَلِكَ إِذَا كَانَ مَا اسْتَثْنَى مِنْهُ مَعْلُومًا وَكَانَ الثُّلُثَ فَمَا دُونَهُ فِي مِقْدَارِهِ وَمَبْلَغِهِ

فَأَمَّا أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَعَلَى مَا قَالَ مَالِكٌ إِنَّهُ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عندهم

وروى بن وهب عن بن لَهِيعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ بن عُمَرَ كَانَ يَسْتَثْنِي عَلَى بَيْعِهِ إِذَا بَاعَ التمر في رؤوس النَّخْلِ بِالذَّهَبِ أَنَّ لِي مِنْهُ كَذَا بِحِسَابِ كَذَا

قَالَ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ الْيَوْمَ عَلَى هَذَا الْبَيْعِ

وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ لَا أَرَى بَأْسًا أَنْ يَسْتَثْنِيَ الثُّلُثَ فَمَا دُونَهُ قَالَ وَأَنَا أُحِبُّ أَدْنَى مِنَ الثُّلُثِ وَلَا أَرَى بِالثُّلُثِ بَأْسًا إِذَا بَلَغَ

وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنِي بن علية وبن أبي زائدة عن بن عَوْفٍ عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ لَوْلَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَرِهَ الثُّنْيَا وَكَانَ عِنْدَنَا مَرْضِيًّا مَا رَأَيْنَا بِذَلِكَ بَأْسًا

قَالَ أَبُو عمر هذا أصح ما روي عن بن عُمَرَ لِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ وَالْإِسْنَادُ الْمُتَقَدِّمُ عِنْدَهُ غَيْرُ مُتَّصِلٍ لِأَنَّ أَبَا الْأَسْوَدِ - مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ وَلَا أدرك زمانه وبن لَهِيعَةَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ

وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا لِمَذْهَبِ أَهْلِ المدينة في هذه المسألة بأن قالوا مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الثُّنْيَا فَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي اسْتِثْنَاءِ الْكَثِيرِ مِنَ الْكَثِيرِ أَوِ اسْتِثْنَاءِ الْكَثِيرِ مِمَّا هُوَ أَقَلُّ مِنْهُ وَأَمَّا الْقَلِيلُ مِنَ الْكَثِيرِ فَلَا وَجَعَلُوا الثُّلُثَ فَمَا دُونَهُ قليلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015