قَالَ فَلَمَّا رُوِيَ الْخَبَرَانِ أَخَذْنَا بِهِمَا جَمِيعًا لِأَنَّ الْكَلَامَيْنِ جَمِيعًا لَوْ كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ كَانَ كَلَامًا صَحِيحًا وَلَمْ يَتَنَاقَضْ
وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّهُ لَا يُتَوَضَّأُ فِي جِلْدِ خِنْزِيرٍ وَإِنْ دُبِغَ فَلَمَّا كَانَ الْخِنْزِيرُ حَرَامًا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَإِنْ ذُكِّيَ وَكَانَتْ السِّبَاعُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهَا وَإِنْ ذُكِّيَتْ كَانَ حَرَامًا أَنْ يُنْتَفَعَ بِجِلُودِهَا وَإِنْ دُبْغَتْ قِيَاسًا عَلَى ما أجمعوا عليه من الخنزير إذ كَانَتِ الْعِلَّةُ وَاحِدَةً
هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ
وَذَكَرَ هُشَيْمُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ عَلِيًّا كَرِهَ الصَّلَاةَ فِي جُلُودِ الْبِغَالِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا قَالَهُ أَبُو ثَوْرٍ صَحِيحٌ فِي الذَّكَاةِ أَنَّهَا لَا تَعْمَلُ فِيمَا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ إِلَّا أَنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ((كُلُّ إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ)) وَقَدْ دَخَلَ فِيهِ كُلُّ جِلْدٍ إِلَّا أَنَّ جُمْهُورَ السَّلَفِ أَجْمَعُوا أَنَّ جِلْدَ الْخِنْزِيرِ لَا يَدْخُلُ في ذلك فخرج بإجماعهم
وحديث أبي ثَوْرٍ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي النَّهْيِ عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ لَيْسَ فِيهِ بَيَانُ ذَبَائِحَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَهَى عَنْهَا قَبْلَ الدِّبَاغِ وَهَذَا أَوْلَى مَا حُمِلَتِ الْآثَارُ عَلَيْهِ
وَالْحَدِيثُ حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنِ بْنِ أَبِي عَرُوَبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ بْنِ أُسَامَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَحَكَاهُ عَنْ أَشْهَبَ لَا يَجُوزُ تَذْكِيَةُ السِّبَاعِ وَإِنْ ذُكِّيَتْ لِجُلُودِهَا لَمْ يَحِلَّ الِانْتِفَاعُ بِشَيْءٍ مِنْ جُلُودِهَا إِلَّا أَنْ تُدْبَغَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قول بن عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ أَشْهَبَ عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ وَالْأَثَرِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ وَالشَّامِ