شَيْءٌ تَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ فَإِنَّهُ يَجْعَلُ لَهُ شَهْرًا مِنَ السَّنَةِ يُقَوِّمُ فِيهِ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ عَرْضٍ لِلتِّجَارَةِ وَيُحْصِي فِيهِ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنْ نَقْدٍ أَوْ عَيْنٍ فَإِذَا بَلَغَ ذَلِكَ كُلُّهُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهِ
وَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي الْمُدِيرِ الْمَذْكُورِ لَا يَنِضُّ لَهُ فِي حَوْلِهِ شَيْءٌ مِنَ الذَّهَبِ وَلَا مِنَ الْوَرِقِ فقال بن الْقَاسِمِ إِنْ نَضَّ لَهُ فِي عَامِهِ وَلَوْ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ فَمَا فَوْقُهُ قَوَّمَ عُرُوضَهُ كُلَّهَا وَأَخْرَجَ الزَّكَاةَ وَإِنْ لَمْ يَنِضَّ لَهُ شَيْءٌ وَإِنَّمَا بَاعَ عَامَهُ كُلَّهُ الْعُرُوضَ بِالْعُرُوضِ لَمْ يَلْزَمْهُ تَقْوِيمٌ وَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ لِذَلِكَ زَكَاةٌ
وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ بن عبد الحكم عنه ورواه بن وهب عن مالك بمعنى ما رواه بن القاسم
وذكر مالك عن مطرف وبن الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ عَلَى الْمُدِيرِ أَنْ يَقُوِّمَ عُرُوضَهُ فِي رَأْسِ الْحَوْلِ وَيُخْرِجَ زَكَاةَ ذَلِكَ نَضَّ لَهُ فِي عَامِهِ شَيْءٌ أَمْ لَمْ يَنِضَّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا هُوَ الْقِيَاسُ وَلَا أَعْلَمُ أَصْلًا يُعَضِّدُ قَوْلَ مَنْ قَالَ لَا يَعْدِلُ التَّاجِرُ عُرُوضَهُ حَتَّى يَنِضَّ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الْوَرِقِ أَوِ الذَّهَبِ أَوْ حَتَّى يَنِضَّ لَهُ نِصَابٌ كَمَا قَالَ نَافِعٌ لِأَنَّ الْعُرُوضَ الْمُشْتَرَاةَ بِالْوَرِقِ وَالذَّهَبِ لِلتِّجَارَةِ لَوْ لَمْ تَقُمْ مَقَامَهَا لِوَضْعِهَا فِيهَا لِلتِّجَارَةِ مَا وَجَبَتْ فِيهَا زَكَاةٌ أَبَدًا لَأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَجِبُ فِيهَا لِعَيْنِهَا إِذَا كَانَتْ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ بِإِجْمَاعِ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ وَإِنَّمَا وَجَبَ تَقْوِيمُهَا عِنْدَهُمْ لِلْمُتَاجِرِ بِهَا لِأَنَّهَا كَالْعَيْنِ الْمَوْضُوعَةِ فِيهَا التِّجَارَةُ وَإِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِمُرَاعَاةِ مَا نَضَّ مِنَ الْعَيْنِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا وَلَوْ كَانَتْ جِنْسًا آخَرَ مَا وَجَبَتْ فِيهَا زَكَاةٌ مِنْ أَجْلِ غَيْرِهَا وَإِنَّمَا صَارَتْ كَالْعَيْنِ لِأَنَّ النَّمَاءَ لَا يُطْلَبُ بِالْعَيْنِ إِلَّا هَكَذَا
وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ بِالْعِرَاقِ وَالْحِجَازِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ مَنِ اشْتَرَى عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ ابْتَاعَهُ لِلتِّجَارَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُقَوِّمَهُ بِالْأَغْلَبِ مِنْ نَقْدِ بَلَدِهِ دَنَانِيرَ كَانَتْ أَوْ دَرَاهِمَ ثُمَّ يُخْرِجَ زَكَاتَهُ مِنَ الَّذِي قَوَّمَهُ بِهِ إِذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهُ مَا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَهَذِهِ سَبِيلُ كُلِّ عَرْضٍ أُرِيدَ بِهِ التِّجَارَةُ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَقَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدَ وإسحاق وأبي ثور وأبي عبيد والطبري وَالْمُدِيرُ عِنْدَهُمْ وَغَيْرُ الْمُدِيرِ سَوَاءٌ وَكُلُّهُمْ تَاجِرٌ مُدِيرٌ يَطْلُبُ الرِّبْحَ بِمَا يَضَعُهُ مِنَ الْعَيْنِ فِي الْعُرُوضِ
وَأَمَّا دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ فَإِنَّهُ شَذَّ عَنْ جَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ فَلَمْ يَرَ الزَّكَاةَ فِيهَا عَلَى حَالٍ اشْتُرِيَتْ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لَمْ تشتر للتجارة