الباب الثامن: في حكم تصرفات أرباب الأرض الخراجية فيها

قد ذكرنا أن الأرض الخراجية على ضربين مملوكة لأهلها وهي أرض الصلح بالخراج على ثبوت ملكهم فيها فهؤلاء ملاك يتصرفون فيها تصرف الملاك وقد ذكرنا ذلك فيما تقدم وذكرنا حكم الشراء منهم وأن أبا عبيد حكى في ملكهم خلافا وقد سبق ذلك كله مستوفى في آخر الباب الرابع والثاني أرض العنوة فمن قال إن عمر رضي الله عنه ملكهم أياها بالخراج فحكمها عنده حكم أرض الصلح المذكور وهو قول ابن أبي ليلى وأبي حنيفة وسفيان وغيرهم وأما من قال ليست ملكا لمن في يده وإنما هي فيء للمسلمين وهو قول العنبري وابن شبرمة ومالك والشافعي وأحمد واسحاق وأبي عبيد وعيرهم فهؤلاء يقولون هي لعموم المسلمين وأكثرهم يقول هي وقف على المسلمين عموما وقد ذكر أبو بكر في كتاب زاد المسافر أن أحمد قال: هي وقف وأن عمر رضي الله عنه وقفها على المسلمين في رواية جماعة من أصحابه منهم الميموني وحنبل وغيرهما ولكن أكثر كلام أحمد إنما فيه أنها فيء وأنها مشتركة بين المسلمين فمن الأصحاب من قال إن عمر رضي الله عنه وقفها وقفا خاصا على المسلمين بلفظه وادعوا أن الارض لا تصير وقفا بدون لفظ من الامام منهم القاضي وغيره إذا قلنا إن الامام مخير فيها بين القسمة والوقف بخلاف ما إذا قلنا يصير وقفا بمجرد الاستيلاء كما هو مذهب مالك فانها تصير وقفا بغير لفظ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015