رضي الله عنه لم يقدر مدة الاجارة بل أطلقها وهذا يخالف أصول الاجارات واختلف أصحابنا في الجواب عن هذا فمنهم من قال المعاملة بين المسلمين والمشركين أو ما كان في حكم أملاك المشركين يغتفر فيها من الجهالة ما لا يغتفر في عقود المسلمين بينهم كما قالوا في معاملة النبي صلى الله عليه وسلم أهل خيبر من غير تقدير مدة المساقاة وهذا أجاب به القاضي وابن عقيل وأبو الخطاب وغيرهم وهو جواب ضعيف جدا وقد رده أصحابنا على الحنفية في مسألة المساقاة ولأن أهل الذمة في المعاملات كالمسلمين سواء ومنهم من أجاب بأنه يجوز استئجار كل سنة بكذا من غير تقدير المدة عندنا وعند كثير من الفقهاء وهذا في معناه قاله أبو الخطاب ومنهم من أجاب بأن عمر رضي الله عنه إنما لم يقدر المدة لما في ذلك من عموم المصلحة فاغتفر في هذا العقد قاله القاضي وغيره ومن أصحابنا من قال ليس بأجرة حقيقية وإنما هو في معنى الاجرة.
قال ابن عقيل في عمد الأدلة: الخراج لا يتحقق أجرة بل عقد على المصلحة والنظر للاسلام ولذلك زاد عمر رضي الله عنه عليه ولا يملك المؤجر الزيادة بغير رضاء المستأجر بالاجماع فعلم أنه لم يخرج ذلك مخرج عقود الاجارات.
وقال الشيخ أبو العباس بن تيمية رحمه الله: التحقيق أن وضع الخراج معاملة قائمة بنفسها ذات شبه من البيع ومن الاجارة يشبه في خروجها عنهما المصالحة على منافع مكانه للاستطراق أو وضع الجذوع ونحوها بعوض ناجز فانه لم يملك العين مطلقا ولم يستأجرها وإنما منع هذه المنفعة مؤبدة وكذلك وضع الخراج لو كان إجارة محضة لدخل فيها المساكن ولكان دفعها مساقاة ومزارعة أنفع ولكان يعتبر فيها أجرة المثل فإن الخراج دونها بكثير ولو كانت بيعا لدخلت المساكن أيضا ولا بيع يكون بثمن مؤبد الى يوم القيامة فالخراج أصل ثابت بنفسه لا يقاس بغيره.