اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى)
فلما افترق بنو آدم وصاروا فرقاً شتى بين مؤمن وكافر وبر وفاجر، أرسل اللّه الرسل وأنزل معهم الكتب، وأقام بهم الحجج، لئلا يكون للناس على اللّه حجة بعد الرسل، وأمر عباده المؤمنين بدعوة الكافرين، وشرع جهادهم بالسيف والسنان، وبإقامة الحجج والبراهين، وجعل العاقبة
لأهل التقوى وأتباع المرسلين، وسلط على من استنكف عن عبادته واستكبر عنها جنده الغالبين، حتى صاروا عبيداً للعبيد عقوبة على امتناعهم من عبادة رب العالمين، وأورث المؤمنين ما كان خولهم من الأموال والأولاد والديار والأراضين. كما قال تعالى حاكياً عن نبيه موسى عليه السلام حيث قال لقومه (استعينوا باللّه واصبروا إن الأرض للّه يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين) وقال تعالى مخاطباً أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -: (وعد اللّه الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهمْ الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يشركون بي شيئاً
ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله
زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها. وقد صدق اللّه وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحدة، فمكن لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - في البلاد، وملكهم رقاب غيرهم من العباد وأورثهم أرضهم وديارهمِ وأموالهم بسبب ما شرعه لهم من الجهاد، ولم يقبض اللّه نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - حتى فتح عليه جزيرة العرب، وكثيراً من بلاد اليمن وغيرها من البلاد، فمن ذلك ما أخذه صلحاً ومنه، ما فتحه بالسيف عنوة ومنه ما أسلم أهله طوعاً. ثم افتتح خليفته، الصديق الأكبر كثيراً من أرض فارس والروم. ثم اتسعت رقعة