العارية على تقدير أن يكون إباحة حتى عدى بعض أصحابنا القول بمنع إجارة الاقطاع من البدع الحادثة وزعم أن الاجماع القديم إنعقد على جوازه ولكن يقال الاقطاعات القديمة إنما تعرف في إقطاع التمليكات وأما إقطاع الاستغلال فلا يعرف في زمان السلف وقد أنكر الامام أحمد على أمراء زمانة أنهم يقطعون من شاءوا ثم ينتزعون منه ذلك والاقطاع لا ينتزع ممن أقطعه وهذا يدل على أنه لم يعهد إقطاع الاستغلال للمنافع حتى زعم بعض أعيان الشافعية المتأخرين أن أصحابهم لم يذكروا في كتبهم بالكلية وكأنه لم يقف على كلام الماوردي في الأحكام السلطانية فانه ذكر فيها إقطاع الخراج كما ذكرها القاضي بل القاضي أتبعه في ذلك وذكر أن القاضي. عياضا المالكي ذكر جواز إقطاع الاستغلال من أرض بيت المال وقد حمل بعضهم إقطاع النبي صلى الله عليه وسلم من البحرين على أنه إقطاع من جزية أهلها لأن البحرين كانت صلحا ولم تؤخذ عنوة حتى يملك المسلمون رقاب أهلها ولكن روي عن الزهري ما يخالف ذلك وأنها كانت أرض فيء موقع سبق ذكره.
وممن صرح باقطاع المنافع للاستغلال القاضي أبو يعلى في كتاب الأحكام السلطانية وحمل كلام أحمد في إقطاع عثمان رضي الله عنه من السواد على ذلك كما سبق ذكره وكذلك قال ابن عقيل في الفصول.
المسئلة السادسة: لو أخذ السلطان من صاحب الخراج أقل من قدر الخراج الواجب عليه فنص أحمد في رواية الاثرم وابن مشيش وأبي داود وصالح على أنه لا يجوز ولا بد من بقية الخراج ونص في رواية ابن مشيش أيضا على أنه يجزيه ذلك وهذا ينبني على أن قدر الخراج هل يجوز تغييره بحسب اجتهاد الامام أم لا يزاد ولا ينقص على ما وضعه عمر رضي