الحج التي هي قوله تعالى: {فَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ وَالَّذِينَ سَعَوْاْ فِى آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أولئك أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} جاء معناها واضحاً في سورة سبأ في قوله تعالى: {لِّيَجْزِىَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أولئك لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ وَالَّذِينَ سَعَوْا فِى آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أولئك لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ} فالعذاب من الرجز الأليم المذكور في سبأ هو عذاب الجحيم المذكور في الحج.] (?).
[وقد أوضحنا معاني الفتنة في القرآن سابقاً، وبينا أن أصل الفتنة في اللغة وضع الذهب في النار، ليظهر بسبكه فيها أخالص هو أم زائف، وأنها في القرآن تطلق على معان متعددة منها:
الوضع في النار، ومنه قوله تعالى {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} أي يحرقون بها. وقوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُواْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} أي أحرقوهم بنار الأخدود على أظهر التفسيرين.
ومنها: الاختبار وهو أكثر استعمالاتها في القرآن، كقوله تعالى {إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} وقوله تعالى {وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} وقوله تعالى {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُواْ عَلَى الطَّرِيقَةِ لاّسْقَيْنَاهُم مَّآءً غَدَقاً لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ}.
ومنها: نتيجة الابتلاء إن كانت سيئة كالكفر والضلال كقوله {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ} أي شرك بدليل قوله {وَيَكُونَ الدِّينُ للَّهِ وقوله في الأنفال {وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلهِ} ومما يوضح هذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله إلا الله» الحديث (?). فالغاية في الحديث مبينة للغاية في الآية، لأن خير ما يفسر به القرآن بعد القرآن السنة، ومنه بهذا المعنى قوله هنا {لِّيَجْعَلَ مَا يُلْقِى الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ}.
وقد جاءت الفتنة في موضع بمعنى الحجة، وهو قوله تعالى في الأنعام {ثُمَّ