[ولا خلاف بين أهل اللسان العربي في إطلاق الإحرام على الدخول في حرمة لا تهتك كالدخول في الشهر الحرام، أو في الحرم أو غير ذلك.
وقال ابن منظور في اللسان: وأحرم الرجل: إذا دخل في حرمة لا تهتك، ومن إطلاق الإحرام على الدخول في الشهر الحرام، وقد أنشده في اللسان شاهداً لذلك قول زهير:
جعلن القنان عن يمين وحزنه ... ... ... وكم بالقنان من محل ومحرم
وقول الآخر:
وإذ فتك النعمان بالناس مُحرما ... ... ... فملىء من عوف بن كعب سلاسله
وقول الراعي:
قتلوا ابن عفَّان الخليفةَ مُحرما ... ودعا فلم أر مثله مقتولا
فتفرقت من بعد ذاك عصاهُم ... ... ... شقفاً وأصبح سيفهم مسلولا
ويروى: فلم أر مثله مخذولاً، فقوله: قتلوا ابن عفان الخليفة محرماً: أي في الشهر الحرام وهو ذو الحجة، وقيل المعنى: أنهم قتلوه في حرم المدينة، لأن المُحْرِِِم يطلق لغة على كل داخل في حرمة لا تهتك، سواء كانت زمانية، أو مكانية أو غير ذلك.
وقال بعض أهل اللغة منهم الأصمعي: إن معنى قول الراعي: محرماً في بيته المذكور كونه في حرمة الإسلام، وذمته التي يجب حفظها، ويحرم انتهاكها وأنه لم يحل من نفسه شيئاً يستوجب به القتل، ومن إطلاق المحرم على هذا المعنى الأخير قول عدي بن زيد:
قتلوا كسرى بليل محرما ... ... ... غادروه لم يمتع بكفن