بياض الشيب فيه. قال الزمخشري في كشافه: شبه الشيب بشواظ النار في بياضه وإنارته وانتشاره في الشعر وفشوه فيه، وأخذه منه كل مأخذ باشتعال النار، ثم أخرجه مخرج الاستعارة، ثم أسند الاشتعال إلى مكان الشعر ومنبته وهو الرأس، وأخرج الشيب مميزاً، ولم يضف الرأس اكتفاء بعلم الخاطب أنه رأس زكريا، فمن ثم فصحت هذه الجملة وشهد لها بالبلاغة. انتهى منه.
والظاهر عندنا كما بينا مراراً: أن مثل هذا من التعبير عن انتشار بياض الشيب في الرأس، باشتعال الرأس شيبا أسلوب من أساليب اللغة العربية الفصحى جاء القرآن به، ومنه قول الشاعر:
ضيعت حزمي في إبعادي الأملا ... وما أرعويت وشيباً رأسي اشتعلا
ومن هذا القبيل قول ابن دريد في مقصورته:
واشتعل المبيض في مسوده ... مثل اشتعال النار في جزل الغضا] (?).
[المولى في لغة العرب: يطلق على كل من انعقد بينك وبينه سبب يواليك وتواليه به. وكثيراً ما يطلق في اللغة على ابن العم؛ لأن ابن العم يوالي ابن عمه بالقرابة العصبية. ومنه قول طرفة بن العبد:
واعلم علماً ليس بالظن أنه ... ... إذا ذل مولى المرء فهو ذليل
يعني إذا ذلت بنو عمه فهو ذليل. وقول الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب:
مهلا ابن عمنا مهلا موالينا ... لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا] (?).
[قوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {وَكَانَتِ امْرَأَتِى عَاقِرًا} ظاهر في أنها
كانت عاقراً في زمن شبابها. والعاقر: هي العقيم التي لا تلد، وهو يطلق على الذكر