الله يقول في المنافقين: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ}، مع أنه يقول فيهم: {فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ
سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ}، ويقول فيهم: {وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ} أي لفصاحتهم وحلاوة ألسنتهم. ويقول فيهم: {وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ} وما ذلك إلا لأن الكلام ونحوه الذي لا فائدة فيه كلا شيء: فيصدق على صاحبه أنه أعمى
وأصم وأبكم، ومن ذلك قول قعنب بن أم صاحب:
صُمٌّ إذا سمعوا خيراً ذُكِرت به ... ... وإن ذكرت بسوء عندهم أَذنوا
وقول الآخر:
أصمٌّ عن الأمر الذي لا أريده ... ... وأسمع خلق الله حين أريد
وقول الآخر:
قل ما بدا لك من زور ومن كذب ... ... ... حلمي أصم وأذني غير صماء
ونظائر هذا كثيرة في كلام العرب من إطلاق الصمم على السماع الذي لا فائدة فيه. وكذلك الكلام الذي لا فائدة فيه، والرؤية التي لا فائدة فيها.] (?).
[من أساليب اللغة العربية أن القرابة إذا كانت قرابة نسب تعين التأنيث فيها في الأنثى فتقول: هذا المرأة قريبتي أي في النسب ولا تقول: قريب مني. وإن كانت قرابة مسافة جاز التذكير والتأنيث. فتقول: داره قريب وقريبة مني، ويدل لهذا الوجه قوله تعالى: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ}، وقوله تعالى: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً} وقول امرىء القيس:
لَهُ الوَيلُ إِن أَمسى وَلا أُمُّ هاشِمٍ ... قَريبٌ وَلا البَسباسَةُ اِبنَةَ يَشكُرا] (?).
قال بعض العلماء: إن الغنيمة والفيء واحد، فجميع ما أخذ من الكفار على
أي وجه كان غنيمة وفيء، وهذا قول قتادة رحمه الله وهو المعروف في اللغة،