الأول: إن هذا القول جار على الأسلوب العربي، جرياناً واضحاً، لا إشكال فيه، فكون إن كان بمعنى ما كان كثير في القرآن، وفي كلام العرب كقوله تعالى: {إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً} أي ما كانت إلا صيحة واحدة.
فقولك مثلاً معنى الآية الكريمة: ما كان لله ولد فأنا أول العابدين، الخاضعين للعظيم الأعظم، المنزه عن الولد أو الآنفين المستنكفين، من أن يوصف ربنا بما لا يليق بكماله وجلاله، من نسبة الولد إليه، أو الجاحدين النافين، أن يكون لربنا ولد، سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً لا إشكال فيه، لأنه جار على اللغة العربية، التي نزل بها القرآن، دال على تنزيه الله، تنزيهاً تاماً عن الولد، من غير إيهام ألبتة لخلاف ذلك ... ] (?).
[وقوله في هذه الآية الكريمة: {لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ} (سبأ:5)، أصح القولين فيه أن المراد بالرجز العذاب، ولا تكرار في الآية لأن العذاب أنواع متفاوتة والمعنى لهم عذاب، من جنس العذاب الأليم، والأليم معناه المؤلم. أي الموصوف بشدة الألم وفظاعته.
والتحقيق إن شاء الله: أن العرب تطلق الفعيل وصفاً بمعنى المفعل، فما يذكر عن الأصمعي من أنه أنكر ذلك إن صح عنه فهو غلط منه، لأن إطلاق الفعيل بمعنى المفعل معروف في القرآن العظيم وفي كلام العرب، ومن إطلاقه في القرآن العظيم قوله تعالى: {عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي مؤلم وقوله تعالى: {بَدِيعُ السموات وَالاٌّرْضِ} أي مبدعهما وقوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُمْ}. أي منذر لكم، ونظير ذلك من كلام العرب قول عمرو بن معد يكرب:
أمن ريحانة الداعي السميع ... ... ... يؤرقني وأصحابي هجوع
فقوله الداعي السميع يعني الداعي المسمع. وقوله أيضاً:
وخيل قد دلفت لها بخيل ... ... ... تحية بينهم ضرب وجيع
أي موجع. وقول غيلان بن عقبة: