1304 - * روى أبو داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الأرض كلها مسجد، إلا الحمام، والمقبرة".

أقول: رأينا أن الصلاة في المقبرة محرمة عند الحنابلة خشية الشرك، إلا أنهم قالوا: إن المقبرة ما احتوت على ثلاثة قبور فأكثر في أرض موقوفة للدفن، فإذا لم تحتو على ثلاثة قبور فأكثر فالصلاة فيها صحيحة إن لم يستقبل القبر وإلا كرهت، وعلل الشافعية للنهي عن الصلاة في المقبرة إذا احتملت فيها النجاسة أو قصد التعظيم، فإذا انتفى الأمران فالنهي محمول على كراهة التنزيه. وعلل الحنفية للنهي عن الصلاة في المقبرة إذا كان القبر بين يدي المصلي بحيث لو صلى خاشعاً وقع بصره عليه، فإذا كان المكان طاهراً ولم يرد الإنسان التعظيم، وكان بعيداً شيئاً ما عن القبر فلا كراهة.

وأما النهي عن الصلاة داخل الحمام لأنها مظنة انكشاف العورات ومصب الغسالات والنجاسات لذلك كرهت عند الحنفية والشافعية والحنابلة، وجازت عند المالكية إذا كان المكان طاهراً.

قال في (نيل الأوطار): والحديث يدل على المنع من الصلاة في المقبرة والحمام وقد اختلف الناس في ذلك.

أما المقبرة فذهب أحمد إلى تحريم الصلاة في المقبرة ولم يفرق بين المنبوشة وغيرها ولا بين أن يفرش عليها شيئاً يقيه من النجاسة أم لا ولا بين أن يكون في القبور أو في مكان منفرد عنها كالبيت وإلى ذلك ذهبت الظاهرية ولم يفرقوا بين مقابر المسلمين والكفار.

وذهب الشافعي إلى الفرق بين المقبرة المنبوشة وغيرها فقال إذا كانت مختلطة بلحم الموتى وصديدهم وما يخرج منهم لم تجز الصلاة فيها للنجاسة فإن صلى رجل في مكان طاهر منها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015