صلاة الفجر. فهذا موافق لرواية ابن عمر في تعيين الصلاة، وبنو سلمة غير بني حارثة، ووقع بيان كيفية التحول في حديث ثويلة بنت أسلم عند ابن أبي حاتم، وقالت فيه: فتحول النساء مكان الرجال والرجال مكان النساء، فصلينا السجدتين الباقيتين إلى البيت الحرام. قلت: وتصويره أن الإمام تحول من مكانه في مقدم المسجد إلى مؤخر المسجد، لأن من استقبل الكعبة استدبر بيت المقدس، وهو لو دار كما هو في مكانه لم يكن خلفه مكان يسع الصفوف، ولما تحول الإمام تحولت الرجال حتى صاروا خلفه وتحولت النساء حتى صرن خلف الرجال، وهذا يستدعي عملاً كثيراً في الصلاة فيحتمل أن يكون ذلك وقع قبل تحريم العمل الكثير كما كان قبل تحريم الكلام، ويحتمل أن يكون اغتفر العمل المذكور من أجل المصلحة المذكورة، أو لم تتوال الخطا عند التحويل بل وقعت مفرقة. والله أعلم. اهـ
فائدة: أخرج البخاري (1/ 505) تعليقاً في باب ما جاء في القبلة ومن لم ير الإعادة على من سها فصلى إلى غير القبلة: وقد سلم النبي صلى الله عليه وسلم في ركعتي الظهر وأقبل على الناس بوجهه ثم أتى ما بقي. قال الحافظ في (الفتح): قوله: ومن لم ير الإعادة: وأصل هذه المسألة في المجتهد في القبلة إذا تبين خطؤه، فروى ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب وعطاء والشعبي وغيرهم أنهم قالوا: لا تجب الإعادة، وهو قول الكوفيين، وعن الزهري، ومالك وغيرهما: تجب في الوقت، لا بعده، وعن الشافعي: يعيد إذا تيقن الخطأ مطلقاً. وقال الحافظ: قوله: وقد سلم النبي صلى الله عليه وسلم من ركعتي الظهر: ومناسبة هذا التعليق للترجمة أن بناءه على الصلاة دال على أنه في حال استدباره القبلة كان في حكم المصلي، ويؤخذ منه أن من ترك الاستقبال ساهياً لا تبطل صلاته.
قال في رد المحتار على الدر المختار (1/ 291):
فإن ظهر خطؤه لم يعد وإن علم به في صلاته أو تحول رأيه استدار وبنى.
قال ابن عابدين: قوله استدار وبنى أي على ما بقي من صلاته لما روي أن أهل قباء كانوا متوجهين إلى بيت المقدس في صلاة الفجر فأخبروا بتحويل القبلة فاستداروا إلى القبلة وأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك.