وعندما نقول: عمل سياسي إسلامي فهذا يحتاج إلى اختصاصيين كثر في شؤون كثيرة: التوعية السياسية، الإدراك السياسي، القدرة على استيعاب الموقف السياسي، القدرة على اتخاذ القرار السياسي الحكيم المستوعب للزمان والمكان، المشاركة في العمل السياسي المتاح، نقل الأوضاع السياسية إلى أطوار متقدمة ومنسجمة مع الإسلام أو تحقق أهدافه أو تبعد العمل السياسي عن الانحراف، التخطيط للتطوير السياسي الإسلامي في المؤسسات والنقابات، السير المتدرج نحو الأهداف السياسية الكبرى التي لا تتحقق بسرعة، كل هذه القضايا وأمثالها تدخل في باب فروض الكفايات، والجهاز الإداري الذي ينسق بين هذا كله وينظم هذا كله هو من باب فروض الكفايات، كذلك وإذا سقط قطر من أقطار الأمة الإسلامية بيد الكفر والكافرين وتعين الجهاد للإنقاذ فالتحريض، والتدريب، وتركيز النيات، وتأمين السلاح، وإيجاد الملاكات القيادية، ووجود الخطط العملية، وتأمين الشبكات التنظيمية التي خدم الحاضر والمستقبل والتي تصب في خدمة الجهاد، وإنضاج نظريات المعركة، والسير المتواصل نحو الهدف، ووجود الجهاز الإداري والقيادي الذي يضع هذه الأمور كلها موضع التنفيذ، كل ذلك من فروض الكفايات، ولما كان المال هو الوسيلة الضرورية لإقامة فروض الكفايات المذكورة فوجود الجهاز الإداري الذي يقود عملية تأمين المال اللازم ووجود شبكة قوية لجمع التبرعات والوصول إلى كل فرد قادر على الدفع وإقناعه بذلك كل ذلك من باب فروض الكفايات.
وفي الحالة التي نتحدث عنها تكون فروض الكفايات التي يطالب بها المسلمون في القطر مضيّعة لا تجد من يقيمها، وههنا تأتي مهمة القائمين على العمل الإسلامي أن يوجهوا المستجيبين لدعوة الله وخاصة الطلاب بحيث يكون لكل فرد اختصاص حياتي يقيم به فريضة كفائية وهؤلاء لابد من التنسيق فيما بينهم، ومن ههنا يأتي تنظيم أمر الاختصاصات الحياتية وترتيبها في كل قطاعات الحياة، والتوجيه نحو ذلك.
فالأطباء المسلمون والصيادلة المسلمون والمهندسون المسلمون بل والرياضيون المسلمون، والتجار المسلمون والحرفيون المسلمون ثم الاختصاص المتفرع عن اختصاص أصيل، والجهاز الإداري الذي ينظم ذلك كله، كل ذلك من فروض الكفايات.