يُسر، ولن يُشاد الدين أحدٌ إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة، وشيءٍ من الدلجة".

وقد أجاب ابن الجوزي رحمه الله، كما نقله ابن حجر عنه في [الفتح: 11/ 253] عن الجمع بين هذا الحديث وقوله تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}، بأربعة أجوبة:

الأول: أن التوفيق للعمل من رحمة الله ولولا رحمة الله السابقة ما حصل الإيمان ولا الطاعة التي يحصل بها النجاة.

الثاني: أن منافع العبد لسيده، فعمله مستحق لمولاه، فمهما أنعم عليه من الجزاء فهو من فضله.

الثالث: جاء في بعض الأحاديث أن نفس دخول الجنة برحمة الله، واقتسام الدرجات بالأعمال.

الرابع: أن أعمال الطاعات كانت في زمن يسير، والثواب لا ينفد، فالأنعام الي لا ينفد في جزاء ما ينفد بالفضل لا بمقابلة الأعمال.

وقال ابن القيم في "مفتاح دار السعادة": الباء المقتضية للدخول غير الباء النافية، فالأولى: السببية الدالة على أن الأعمال سبب الدخول المقتضية له كاقتضاء سائر الأسباب لمسبباتها. والثانية: ياء المعارضة نحو اشتريت منه بكذا، فأخبر أن دخول الجنة ليس في مقابلة عمل أحد، وأنه لولا رحمة الله لعبده لما أدخله الجنة، لأن العمل بمجرده لو تناهى لا يوجب بمجرده دخول الجنة، ولا أن يكون عوضاً لا لأنه ولو وقع على الوجه الذي يحبه الله لا يقاوم نعمة الله، بل جميع العمل لا يوازي نعمة واحدة، فتبقى سائر نعمه مقتضية لشكره وهو لم يوفها حق شكرها (1).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015