5098 - * روى الترمذي عن رافع بن خديجٍ (رضي الله عنه) قال: "كُنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ، فتقدم سرعان الناس، فتعجلوا من الغنائم فاطبخوا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في أخرى الناس، فمر بالقدور فأمر بها فأكفئتْ، ثم قسم بينهم، فعدل بعيراً بعشر شياهٍ".

قال الحافظ في (الفتح: 9/ 539): وقد اختلف في هذا المكان في شيئين. أحدهما: سبب الإراقة. والثاني: هل أتلف اللحم أم لا؟ أما الأول، فقال عياض: كانوا قد انتهوا إلى دار الإسلام والمحل الذي لا يجوز فيه الأكل من مال الغنيمة المشتركة، إلا بعد القسمة، وأن محل جواز ذلك قبل القسمة، إما هو ما داموا في الحرب، قال: ويُحتمل أن سبب ذلك كونهم انتهبوها ولم يأخذوها باعتدال وعلى قدر الحاجة. وأما الثاني، فقال النوي: المأمور به من إراقة القدور، إنما هو إتلاف المرق عقوبة لهم، أما اللحم فلم يتلفوه، بل يحمل على أنه جمع ورد إلى المغنم، ولا يظن أنه أمر بإتلافه، مع أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال، وهذا من مال الغانمين، وأيضاً فالجناية بطبخه لم تقع من جميع مستحقي الغنيمة، فإن منهم من لم يطبخ، ومنهم المستحقون للخمس. فإن قيل: لم ينقل أنهم حملوا اللحم إلى المغنم؟ قلنا: ولم ينقل أنهم أحرقوه أو أتلفوه، فيجب تأويله على وفق القواعد ولا يقال: لا يلزم من تتريب اللحم إتلافه، لإمكان تداركه بالغسل، لأن الياق يشعر بأنه أريد المبالغة في الزجر عن ذلك الفعل، لو كان بصدد أن ينتفع به بعد ذلك، لم يكن فيه كبير زجر، لأن الذي يخص الاحد منهم نزر يسير، فكان إفسادها عليهم مع تعلق قلوبهم بها وحاجتهم إليها، وشهوتهم لها، أبلغ في الزجر.

قوله (فعدل بعيراً بعشر شياه):

قال الحافظ: وهذا محمول على أن هذا كان قيمة الغنم إذا ذاك، فلعل الإبل كانت قليلة أو نفيسة، والغنم كانت كثيرة أو هزيلة، بحيث كانت قيمة البعير عشر شياه (1)، لأن ذلك هو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015