ومن أجل أن يقوم الدين في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية أنت بحاجة إلى اختصاصيين كثير وإلى التزام كثير، وهذا يحتاج إلى سياسة وقانون وقضاء فكم من مختصين أنت بحاجة إليهم لتملأ ساحة العمل بما يغطي احتياجات الأمة في كل ساحات العمل هذه.
فإذا عرفت أن المجتمع الإسلامي تحرسه الدولة، وهذا يقتضي وجود أجهزة، ويسهر عليه الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والدعاة، وهذا يحتاج إلى عاملين، وإذا عرفت أن حياة المجتمع الإسلامي منوطة بالجهاد، والجهاد يحتاج إلى مقاتلين وعتاد ونظريات وتدريب وتخطيط وأنَّ هذا في عصرنا معقد وأن ذلك كله يدخل في باب فروض الكفايات .. عرفت بعض الكفايات التي تحتاجها الأمة في عصرنا لإقامة دينها.
* * *
دعنا الآن نفكر على مستوى جزء من واقعنا، كأن نفكر على مستوى قطر لم يبق فيه نظام إسلامي وعم فيه الجهل، أو غلب، فما فروض الكفايات في مثل هذه الحالة؟
أول الواجبات هي تغطية فريضة الدعوة إلى الله في القطر، وهذا يقتضي ملاكاً عريضاً لتصل الدعوة إلى كل دوائر القطر، وكل ما يقتضيه ذلك فهو من فروض الكفايات: الدعاة في صفوف الرجال والنساء، وفي صفوف العمال والفلاحين والمثقفين، وفي الأحياء والمؤسسات، وفي المدارس والجامعات، وفي المساجد والمقاهي، والدعاة الذين يغطون هذا كله والجهاز الإداري الذي يدير عجلة الدعوة وينسق بين جهود الدعاة كل ذلك من فروض الكفاية.
ثم إن الدعوة هي باب التربية والتكوين والتعليم فمن استجاب للدعوة فقد وجب عليه أن يتعلم وأن يأخذ التربية الإسلامية التي يقتضيها قيام المسلم بواجباته في عصره فأنْ يوجد المسلمون والمربون الذين يغطون احتياجات الأمة في هذا الباب وأن يوجد الجهاز الإداري الذي ينظم هذا كله وينسق بين جهود المعلمين والمربين بحيث يصبح كل مسلم وقد أخذ حظه على الكمال والتمام من العلوم الإسلامية ومن الثقافة والتربية اللتين يقتضيهما وجوده في هذا العصر من خلال الحلقات والمذكرات والدراسات فذلك كله من فروض الكفاية.