أقول: هذا محمول على الندب، وإلا فحرمة القتال في الأشهر الحرم قد نسخت، ولكن الرأي العام وقتذاك كان يستفظع القتال في الأشهر الحرم فاستحسنت مراعاته، وهذا النص أصل في مراعاة الرأي العام فيما لا محظور فيه ولا محذور.
4895 - * روى أحمد عن خُبيب بن يسافٍ قال: "أتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد غزواً، أنا ورجلٌ من قومي ولم نُسلم فقلنا: إنا نستحي أن يشهد قومنا مشهداً لا نشده معهم قال: أو أسلمتما قلنا لا: قال: إنا لا نستعين بالمشركين على المشركين قال: فأسلمنا وشهدنا معه، فقتلت رجلاً وضربني ضربةً فتزوجتُ بابنته بعد ذلك فكانت تقول: لا عدمتُ رجلاً وشحك هذا الوشاح، فأقول: لا عدمتُ رجلاً عجل أباك إلى النار".
الحديث يدل على أن الأصل عدم جواز الاستعانة بالكافر، ومع وجود حالات محددة استعان بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكافر على الكافر استدل العلماء على جواز ذلك للضرورة إذا أمن جانب الكافرين، ولم يكن لهم سلطان على المسلمين، ولم يكن لهم شأن أو رواية في القتال.
4896 - * روى مسلم عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بدر فلما كان بحرة الوبرة أدركه رجلٌ قد كان يُذكر منه جرأة ونجدة ففرح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوه فلما أدركه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم جئت لأتبعك وأصيب معك قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم "تؤمن بالله ورسوله" قال: لا، قال: فارجع فلن أستعين بمشرك" قالت ثم مضى حتى إذا كنا بالشجرة أدركه الرجل فقال له كما قال أول مرةٍ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم كما قال أول مرةٍ: قال (1):