قال أبو سليمان الخطابي: فإنه من ناحية التبرك بأثر النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه بالتخفيف عنهما، فكأنه صلى الله عليه وسلم عجل مُدة بقاء النداوة فيهما حداً لما وقعت له المسألة من تخفيف العذاب عنهما، وليس ذلك من أجل أن في الجريد الرطبِ معنى ليس في اليابس. ا. هـ.
أقول: وعند بعضهم مزيد عبارة يرحم بسببها من يجاوره.
411 - * روى أحمد عن أبي بكرة قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم يمشي بيني وبين رجل آخر إذ أتى على قبرين فقال: "إن صاحب هذين القبرين يعذبان فأتياني بجريدة" قال أبو بكر فاستبقتُ أنا وصاحبي فأتيته بجريدة فشقها نصفين فوضع في هذا القبر واحدة وفي ذا القبر واحدة قال: "لعله يخفف عنهما ما دامتا رطبتين إنهما يُعذبان بغير كبير: الغيبة والبول". وقال أحمد "وما يعذبان في كبير وبلى وما يعذبان إلا في الغيبة والنميمة والبول".
أقول: إن الاهتمام بإنقاء البول من محال الاهتمام الكبرى عند المسلمين، ولذلك يستبرئون ويستنقون، ومن المستحبات أن يبول الإنسان قعداً لئلا يصيبه رشاش البول ويكره له البول قائماً إلا لعذر، ومن المستحبات ألا يبول في مهبِّ الريح لئلا تعود النجاسة إليه، وكما يحتاط لبدنه يحتاط لثيابه.
412 - * روى أبو داود عن عبد الرحمن بن حسنةَ قال: (انطلقُت أن وعمرو بن العاص إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج ومعه درقَةٌ، ثم استتر بها، ثم بال، فقلنا: انظُروا إليه يبُول كما تَبُول المرأة، فسمع ذلك، فقال، "ألم تعلموا ما لقي صاحبُ بني إسرائيل (1)؟