أقول: إن إعادة الأعرابي حجته بعد الهجرة كانت ثم نسخت.
4618 - * روى البخاري عن السائب بن يزيد (رضي الله عنه) قال: "حجَّ بي أبي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداعِ، وأنا ابن سبع سنين".
4619 - * روى ابن خزيمة عن ابن عباس، قال: مر عليُّ بن أبي طالب بمجنونة بني فلان قد زنتْ، أمر عمر برجمها، فردها عليٌّ، وقال لعمر: يا أمير المؤمنين أترجم هذه؟ قال: نعم. قال: أما تذكُر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "رُفِعَ القلم عن ثلاثةٍ، عن المجنون المغلوب على عقله، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبيِّ حتى يحتلم". قال: صدقت، فخلى عنها.
قال ابن خزيمة: وفيه دليل عندي على أنَّ المجنون إذا حجَّ به في حال جُنونه ثم أفاق لم يُجْزِه كالصبيِّ.
4620 - * روى ابن خزيمة عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا حج الصبيُّ فهي له حجةٌ حتى يعقل، فإذا عقل فعليه حجةٌ أخرى، وإذا حج الأعرابيُّ فهي له حجةٌ، فإذا هاجر فعليه حجةٌ أخرى".
قال ابن خزيمة: هذه اللفظة: "وإذا حج الأعرابيُّ" من الجنس التي كنت أقول إنه في بعض الأوقات دون جميع الأوقات. وهذه اللفظة إن صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنما كان هذا الحكم قبل فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة، فلما فتحها وخبر صلى الله عليه وسلم أنه لا هجرة بعد الفتح استوى الأعرابيُّ والمهاجرُ في الحجِّ، فجاز عن الأعرابي إذا حج، كما يجوز عن المهاجر لسقوط الهجرة وبطلانها بعد فتح مكة (1).
* * *