وأخرج الموطأ عن سليمان بن يسار مرسلاً، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم، فوق رأسه، وهو يومئذ بلحي جملك مكان بطريق مكة. وفي نسخة: بلحيي جمل.
قال النووي في "شرح مسلم" (1/ 383): وفي هذا الحديث دليل لجواز الحجامة للمحرم، وقد أجمع العلماء على جوازها له في الرأس وغيره إذا كان له عذر في ذلك، وإن قطع الشعر حينئذ، لكن عليه الفدية لقطع الشعر، فإن لم يقطع فلا فدية عليه. وهذا الحديث محمول على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له عذر في الحجامة في وسط الرأس لأنه لا ينفك عن قطع شعر. أما إذا أراد المحرم الحجامة لغير حاجة، فإن تضمنت قلع شعر فهي حرام، كتحريم قطع الشعر، وإن لم تتضمن ذلك، بأن كانت في موضع لا شعر فيه، فهي جائزة عندنا وعند الجمهور، ولا فدية فيها، وعن ابن عمر ومالك كراهتها. قال الحافظ في "الفتح" 4/ 44: وعن الحسن: فيها الفدية وإن لم يقطع شعراً، وإن كان لضرورة، جاز قطع الشعر، وتجب الفدية.
وخص أهل الظاهر الفدية، لشعر الرأس. وقال الداودي: إذا أمكن مسك المحاجم بغير حق لم يجز الحلق. واستدل بهذا الحديث على جواز الفصد، وربط الجرح والدمل، وقطع العرق وقلع الضرس، وغير ذلك من وجوه التداوي إذا لم يكن في ذلك ارتكاب ما نهي عنه المحرم من تناول الطيب وقطع الشعر، ولا فدية عليه في شيء من ذلك، والله أعلم.
4300 - * روى النسائي عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنهما) "أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم من داء كان به".
4301 - * روى أبو داود عن أنس بن مالك (رضي الله عنه) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم