وفي رواية (?): "ما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من عند الشجرة، حين قام به بعيره".

وفي أخرى (?) قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وضع رجله في الغرز، واستوت به راحلته قائمة، أهل من عند مسجد ذي الحليفة".

وفي أخرى (?): "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يركب راحلته بذي الحليفة، ثم يهل، حين تستوي به قائمة".

قال النووي في شرح مسلم (1/ 376): قوله: "بيداؤكم هذه التي تكذبون على رسول الله- إلخ" قال العلماء: هذه البيداء هي: الشرف الذي قدام ذي الحليفة إلى جهة مكة، وهي بقرب ذي الحليفة.

وسميت بيداء، لأنه ليس فيها بناء ولا أثر. وكل مفازة تسمى: بيداء. وأما هنا، فالمراد بالبيداء ما ذكرناه.

وقوله: "تكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها" أي تقولون: إنه صلى الله عليه وسلم أحرم منها، ولم يحرم منها، وإنما أحرم قبلها من عند مسجد ذي الحليفة، ومن عند الشجرة التي كانت هناك، وكانت عند المسجد.

وسماهم ابن عمر كاذبين، لأنهم أخبروا بالشيء على خلاف ما هو وقد سبق في أول هذا الشرح في مقدمة "صحيح مسلم": أن الكذب عند أهل السنة: هو الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه، سواء تعمده، أم غلط فيها وسها. وفيه دلالة: أن ميقات أهل المدينة من عند مسجد ذي الحليفة، ولا يجوز لهم تأخير الإحرام إلى البيداء، وبهذا قال جميع العلماء. وفيه: أن الإحرام من الميقات أفضل من دويرة أهله، لأنه صلى الله عليه وسلم ترك الإحرام من مسجده، مع كمال شرفه.

فإن قيل: إنما أحرم من الميقات لبيان الجواز. قلنا: هذا غلط من وجهين. أحدهما: أن البيان قد حصل بالأحاديث الصحيحة في بيان المواقيت. والثاني: أن فعل رسول الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015