بيده- كأني أنظر إلى قوله بيده يحركها- قال: فقام النبي صلى الله عليه وسلم فينا، فقال: قد علمتم: أني أتقاكم لله عز وجل، وأصدقكم وأبركم، ولولا هديي لحللت كما تحلون، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي، فحلوا، فحللنا، وسمعنا وأطعنا، قال عطاء: قال جابر: فقدم علي من سعايته فقال: بم أهللت؟ قال: بما أهل به النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأهد، وامكث حراماً، قال وأهدى له عليٌّ هدياً. فقال سراقة بن مالك ابن جعشم يا رسول الله، لعامنا هذا، أم للأبد؟ قال: للأبد".
وفي أخرى (?) له قال: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما أحللنا: أن نحرم إذا توجهنا إلى منى، قال: فأهللنا من الأبطح".
وفي أخرى (?) له قال: "لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه بين الصفا والمروة، إلا طوافاً واحداً: طوافه الأول".
وأخرج أبو داود (?): "أهللنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج خالصاً، لا يخالطه شيء. فقدمنا مكة لأربع ليال خلون من ذي الحجة فطفنا وسعينا، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحل، وقال: لولا الهدي لحللت. فقام سراقة بن مالك، فقال: يا رسول الله، أرأيت متعتنا هذه: ألعامنا، أم للأبد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل هي للأبد".
أقول: من سياسات النبوة: أن يعلل رسول الله صلى الله عليه وسلم أفعاله ليكون قناعة عند أصحابه وهذا شيء يغفل عنه كثير من الكبراء مفترضين بالناس التسليم لفعالهم بلا قيد ولا شرط ولا قناعة وفي سياسات النبوة المياسرة فيما ليس فيه ضرر ولا حرج ولا إثم ولذلك رأينا في النص: "وكان النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً سهلاً إذا هويت الشيء تابعها عليه".
وهو شيء يغفل عنه كثير من الناس، فبدلاً من أن يكون الأصل هو المطاوعة للزوجة والأتباع يجعلون الأصل هو المعاكسة، وهو شيء خلاف الأصل فيما لا ضرر ولا حرج ولا إثم فيه.