قارناً إذا لم يسق الهدي، وقد اتفق جمهور العلماء على جواز الأنساك الثلاثة، واختلفوا في أفضليتها، فقال الشافعي ومالك وآخرون: أفضلها الإفراد، وقال أبو حنيفة وآخرون: أفضلها القران، وقال أحمد وآخرون: أفضلها التمتع، وهو أن يحرم بالعمرة أولاً، فإذا فرغ منها أحرم بحج.
وقد قال موفق الدين بن قدامة المقدسي الحنبلي في "المغني" (3/ 398): ومن كان مفرداً أو قارناً أحببنا له أن يفسخ إذا طاف وسعى ويجعلها عمرة، إلا أن يكون معه هدي فيكون على إحرامه، أما إذا كان معه هدي، فليس له أن يحل من إحرام الحج ويجعله بغير خلاف نعلمه. وأما من لا هدي معه ممن كان مفرداً أو قارناً فيستحب له إذا طاف وسعى أني فسخ نيته بالحج، وينوي عمرة مفردة، فيقصر ويحل من إحرامه متمتعاً إن لم يكن وقف بعرفة. قال: وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر أصحابه في حجة الوداع الذين أفردوا الحج وقرنوا أن يحلوا كلهم ويجعلوها عمرة، إلا من كان معه الهدي، وثبت ذلك في أحاديث كثيرة. قال: وقد روى فسخ الحج: ابن عمر، وابن عباس، وجابر، وعائشة، وأحاديثهم متفق عليها، ورواه غيرهم وأحاديثهم كلها صحاح.
قال محقق الجامع: هذه هي أقوال جمهور الفقهاء باختصار في جواز الأنساك الثلاثة، وخلافهم في الأفضل منها فقط. وهو رأي جمهور المحدثين والمفسرين، وجل ما هنالك أن التمتع أفضل عند الإمام أحمد ومن تبعه، وقد خالف جمهور هؤلاء العلماء في هذا: ابن حزم في "المحلى" وابن قيم الجوزية في "زاد الميعاد" فقالا بوجوب فسخ الحج إلى العمرة لمن لم يسق الهدي، متبعين في ذلك بعض من خالف الجمهور قبلهم.
4207 - * روى ابن خزيمة عن عائشة، قالت: قدم النبي صلى الله عليه وسلم لأربع مضين من ذي الحجة أو خمس، فدخل علي وهو غضبان، فقلت: من أغضبك؟ فقال: "أما شعرت إني أمرت الناس بأمر فإذا هم يترددون. قال الحاكم: يترددون- أحسب- لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي حتى أشتريه ثم أحل كما حلوا".