أصاب منه شيئاً تمسَّحَ به، ومن لم يُصِبْ منه أخذ من بللِ يَدِ صاحبه - ثم رأيت بلالاً أخرج عنزةً فركزها، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في حُلَّةٍ حمراء مُشَمِّراً، فصلى إلى العنزة بالناس ركعتين، ورأيتُ الناس والدوابَّ يمرُّون بين يدي العنزة".
وفي أخرى (?) "وقام الناسُ، فجعلوا يأخذون يديه يمْسَحُون بها وُجُوهَهم، قال: فأخذتُ بيده فوضعتُها على وجهي، فإذا هي أبْرَدُ من الثلج، وأطْيَبُ رائحةً من المسك".
وفي رواية (?) النسائي قال: شهدتُ النبي صلى الله عليه وسلم بالبطحاء وأخرج بلالٌ فضل وضوئه، فابتدره الناس فنلتُ منه شيئاً، وركز له العنزة فصلى بالناس، والحُمُرُ والمرأةُ والكلابُ يمرون بين يديه.
349 - * روى الشيخان عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: مرضتُ، فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يعُوداني، فوجداني قد أُغْميَ عليَّ، فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضبَّ عليَّ وضوءه.
أقول: ذكر الحديثين في باب المياه سببه أن الفقهاء يتحدثون عن الماء المستعمل في إزالة حدث أو في ما يقرب إلى الله، فالحديثان يدلان على طهارة الماء المستعمل، فالحنفية يعتبرونه طاهراً غير مطهر، ولكن غير مطهر للحدث وهو مطهر للخبث، والمالكية يكرهون استعماله في إزالة الحدث ويوافقون الحنفية في أنه يزيل النجس، والماء المستعمل عند الشافعية، ولا خلاف بين العلماء أن الماء المستعمل في التبرد والتنظيف طاهرٌ مطهرٌ غير مكروه لكنه غير نظيف، فالأصل ألا يستعمل إلا في الحالة الضرورية.