مقدمة

شيء عادي أن نبدأ هذا الجزء بفضل مكة والمدينة اللتين فيهما المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وإليهما تشد الرحال، فالكلام عنهما مرتبط ارتباطاً مباشراً بفعل الناس في الحج، ونحر الهدي يوم النحر للحاج هو في معنى الأضحية في هذا الجزء لغير الحاج، فهناك تناسب بين الهدي وبين الأضحية، ولذلك جعلنا الأضحية في هذا الجزء خاصة وإن سبب الحكم واحد، هو فداء الله لإسماعيل عليه السلام، والهدي مرتبط بالحج، وبين العمرة والحج صلة، بل تلازم أحياناً وفي كل الأحوال، فبينهما تشابه فناسب ذلك أن تكون هذه الأبحاث كلها في هذا الجزء:

الحج والعمرة والهدي والأضاحي، ولأن أبحاث العقيقة والعتيرة تشبه أبحاث الأضاحي من وجه فقد ألحقناه بها هنا.

وممن تحدث عن هذه المواضيع في مكان واحد صاحب نيل الأوطار فقد ذكر الحج والعمرة والهدي وأعقبها بذكر العقيقة والعتيرة، ونحن قد جعلنا هذه الأبحاث كلها في جزء.

ولا شك أن الحج والعمرة ونحر الهدي والأضاحي لله عز وجل من العبادات الرئيسية بالإسلام، فالحج أحد أركان الإسلام، والعمرة عبادة حتى اعتبرها بعضهم فريضة ونحر الهدي، والأضاحي هو مظهر الشكر على ما رزقنا الله من بهيمة الأنعام {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}.

{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} (?).

وقد جاء جزء الحج بعد جزء الصوم، لأن الصوم هو الركن الرابع والحج هو الركن الخامس، ولأن فريضة الحج في الزمان تأتي بعد الخروج من صيام رمضان فأشهر الحج: شوال وذو القعدة وذو الحجة، والصوم مران للجسد والنفس، والحج كذلك، وجاء جزء الحج قبل جزء الجهاد للتناسب بينهما فأفضل الجهاد حج مبرور، فكما أن الجهاد فيه بذل للنفس والمال في سبيل الله فالحج فيه بذل للمال وبذل للجهد في سبيل الله عز وجل.

وقد أدخلنا في هذا الجزء الأبواب التالية:

الباب الأول: في الحرمين الشريفين وبعض أحكامهما وفي المساجد الثلاثة ومسجد قباء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015