وإذا كان المسلم يحرص على ترك الحرام في غير رمضان فإنه في رمضان أشد حرصاً، ويكره للصائم ذوق شيء أو مضغه بلا عذر، والقبلة ومقدمات الإثارة إن لم يأمن على نفسه، والمبالغة في المضمضة والاستنشاق.

ومن الأعذار المبيحة للفطر: السفر المبيح لقصر الصلاة الرباعية، ولا يحق له عند الجمهور أن يُفطر في اليوم الأول إلا إذا تلبس بالسفر قبل طلوع الفجر ووصل إلى مكان يبدأ فيه جواز القصر وهو مجاوزة البيوت ومرافق البلد قبل الفجر، ولم يشترط الحنابلة ذلك. وله حق الفطر ما دام يعتبر مسافراً شرعاً على خلاف بين الفقهاء في حد السفر.

ومن الأعذار المبيحة للفطر: المرض على تفصيلات عند الفقهاء في وصف المرض المبيح للفطر. ومن المبيحات للفطر: الجهاد سواء كان هناك التحام أو يتوقع الالتحام، ومن المبيحات: الحمل والرضاعة إذا خافت الحامل أو المرضع على نفسها أو رضيعها على تفصيل في الخوف المعتبر، ومن المبيحات عدم القدرة على الصيام بسبب الهرم، ومن المبيحات خشية الصائم على نفسه الهلاك أو الإغماء أو ذهاب بعض الحواس، ومن المبيحات الإكراه بشروطه.

وقال جمهور الفقهاء: إنه يجب على صاحب العمل الشاق أن يتسحر وينوي الصوم، فإن حصل له ما يخاف منه الضرر جاز له الفطر فإن تحقق الضرر وجب الفطر، وقال الحنابلة: لا يأثم بالفطر من احتيج إليه لإنقاذ آدمي معصوم من مهلكة كغرق ونحوه إذا أدى الإنقاذ إلى فطره.

والأعذار المبيحة للفطر منها ما يوجب القضاء فقط، ومنها ما يوجب الفدية إذا أمكن ذلك، وهناك إفطار الناسي وهذا لا يوجب قضاءً، ولا يؤثر على الصوم، وهناك إفطار المخطئ كأن تمضمض الإنسان فوصل شيء من الماء إلى جوفه دون قصد ففيه خلاف، هل يفسد الصوم أو لا يفسده، وهل يجب القضاء أو لا يجب، وإن كان الجميع متفقين أن لا إثم، ولكن صاحب ذلك وقع في المكروه لأنه بالغ في المضمضة، وهناك الإفطار الذي يفسد الصوم ويوجب القضاء فقط، وصاحبه آثم، وهناك الإفطار الذي يفسد الصوم ويجب فيه القضاء مع الكفارة، والإثم فيه كذلك حاصل، وكل ذلك فيه تفصيلات، وبعض المسائل محل إجماع عند الفقهاء، وبعضها محل اختلاف، وسيمر معنا أثناء عرض النصوص وعرض المسائل والفوائد ما تكثر الحاجة إلى معرفته ويكثر الابتلاء فيه، وإلى فصول هذا الباب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015