على أمر دينه. وطلب إصلاح دنياه، وهو موسم تكثر فيه مناسبات إجابة الدعاء، والصيام فيه طاعة لله تعالى يثاب فيها المسلم ثواب الصابرين، فالصوم نصف الصبر، وكما أنه كذلك فهو كفارة للذنوب من عام لآخر، والصوم يحقق التقوى، والصوم مدرسة خُلُقية كبرى يتدرب فيها المؤمن على خصال كثيرة، فهو جهاد للنفس، ومقاومة للأهواء ونزغات الشيطان التي قد تلوح له ويتعود به الإنسان خلق الصبر على ما قد يُحرم منه، وعلى الأهوال والشدائد التي قد يتعرض لها. والصوم يعلم الأمانة والمراقبة في السر والعلن، إذ لا رقيب على الصائم في امتناعه عن الطيبات إلا الله وحده، والصوم يقوي الإرادة، ويشحذ العزيمة، ويساعد على صفاء الذهن، واتقاد الفكر، والصوم يشعر بوحدة المسلمين الحسية في المشارق والمغارب لأن ربهم واحد، وعبادتهم موحدة، وينمي الصوم في الإنسان عاطفة الرحمة والأخوة والشعور برابطة التضامن والتعاون التي تربط المسلمين فيما بينهم، والمساهمة في القضاء على غائلة الفقر والجوع والمرض، فتتقوى أواصر الروابط الاجتماعية بين الناس، والصوم يجدد حياة الإنسان بتجدد الخلايا وطرح ما شاخ منها وإراحة المعدة وجهاز الهضم، وحمية الجسد، والصيام جهاد للنفس وتخليصها مما علق بها من شوائب الدنيا وآثامها وكسر حدة الشهوة والأهواء وتهذيبها وضبطها في طعامها وشرابها.

والناس في الصوم درجات فمنهم من يصوم عن شهوتي البطن والفرج، ومنهم من يصيم مع ذلك كل جوارحه عن الآثام، ومنهم من يملأ أيام الصوم بالفكر والذكر والعمل الصالح.

وقد جعلنا هذا الجزء في ثلاثة أبواب رئيسة:

الباب الأول: في الصيام.

الباب الثاني: في الاعتكاف وليلة القدر وساعة الاستجابة كل ليلة وقيام رمضان وصلاة التراويح.

الباب الثالث: في صدقة الفطر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015