من الملاحظ أن العبادات الرئيسية في الإسلام تأخذ حجماً كبيراً من تعاليمه، وذلك لأنها المراد الأكبر من بعثة الرسل عليهم الصلاة والسلام فقد خُلِقَ الخلقُ من أجل العبادة قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (?).
ولذلك كان العكوف على دراستها والقيام بها من أعظم ما يطالب به الخلق.
ومن الملاحظ أن العقائد أخذت الحيز الأكبر من القرآن الكريم بينما العبادات الرئيسية أخذت الحيز الأكبر من السنة النبوية، وذلك أن العبادات تحتاج إلى تفصيل نظري وعملي، والسنة هي التي تقوم بهذا التفصيل مع ملاحظة أن القرآن الكريم ذكر العبادات الرئيسية كلها وفصّل في أهم قضاياها.
أما العقائد فقد كان تفصيله لها أوسع لتكون الحجة على الخلق فيها أتم، ولأنها هي بداية التوجه الصحيح نحو الله عز وجل.
لقد ذُكِرت فرضية صوم رمضان في القرآن الكريم وذكرت الحكمة في ذلك وأنها الوصول إلى تقوى الله عز وجل، فصوم رمضان عامل كبير من عوامل تحقق الإنسان بالتقوى ولذلك لم تَخْلُ شريعة منه وقد فصلنا ذلك في كتاب (الأساس في التفسير)، وقد ذكر القرآن الكريم ركن الصوم وهو الإمساك من طلوع الفجر حتى غياب الشمس كما ذكر المحظورات فيه، وذكر التدرج في تشريع الصوم حتى استقر على ما استقر عليه لأنه عبادة شاقة كانت جديدة على العرب المخاطبين الأول بهذا القرآن.
وإذا كانت الحكمة من تشريع الصوم هي الوصول إلى التقوى فقد شُرِع فيه كل ما يساعد عليها فسنت فيه صلاة التراويح وتلاوة القرآن والإنفاق في سبيل الله سوُنَّ الاعتكاف وختمت مطلوباته بصدقة الفطر لتكون كفارة للصائم مما يمكن أن يكون قد ألم بصومه، كما شرعت له؛ وفيه دعوات وأذكار، وأكدت على الصائم التزامات هي مطلوبة منه في الأصل ولكنها تزداد فيه تأكيداً من مثل ضبط اللسان والجوارح على مقتضى أمر الله عز وجل.