الأوقاف على نوعين: أوقاف خيرية وأوقاف ذرية، فما وقفه الإنسان على نفسه ثم ذريته بعده، أو وقفه على ذريته من بعده، أو وقفه على آخرين وعلى ذرياتهم فهذا الوقف الذري، وقد اعتادته الأمة في كثير من الجهات واعتمدته.
وأما الأوقاف الخيرية: فهو ما وقف على جهة القربى لله تعالى كالمساجد والرباطات والسقايات ومنازل المسافرين، ومدارس العلم والمستشفيات إلى غير ذلك. والفقهاء متفقون على أن شرط الواقف كنص الشارع إلا أن لهم اجتهادات متعددة حول ما يجوز وقفه ومتى يثبت للشيء حكم الوقف وما هي الأحكام التي تحكم كل نوع من أنواع الأوقاف وكيف يتعامل مع الطوارئ التي تطرأ على الوقف؟ فأبو حنيفة مثلاً: يرى أن الشيء لا يخرج عن ملك الواقف بمجرد الكلام ولكنه في المساجد يكون مع القول بالصلاة في المسجد، وفي غير المسجد لابد من قضاء القاضي أو وفاة الواقف وما قبل ذلك فإن الوقف لا يثبت وهو على ملك الواقف وله أن يرجع عن كلامه فيه، وأبو يوسف: يرى جواز وقف المتغير تبعاً لغيره ومحمد من فقهاء الحنفية: يرى وقف المتغير استقلالاً وعلى هذا فمريد التفقه في موضوع الأوقاف يحتاج إلى معرفة ما يثبت به الوقف وإذا ثبت فما هي أحكام التعامل مع كل وقف على حدة وإذا طرأت طوارئ فما هي الأحكام التي تحكم المستجدات؟
وها هي صورة مختصرة عن مباحث الوقف؟
الوقف لغة: الحبس عن التصرف، وشرعاً: قال الجمهور ومنهم الصاحبان وبرأيهما يفتى عند الحنفية- والشافعية والحنابلة في الأصح-: هو حبس مال يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه بقطع التصرف في رقبته من الواقف وغيره على مصرف مباح موجود أو بصرف ريعه على جهة بر وخير تقرباً إلى لله تعالى وعليه يخرج المال عن ملك الواقف ويصير حبيساً على حكم ملك الله تعالى، ويمتنع على الواقف تصرفه فيه ويلزم التبرع بريعه على جهة الوقف، وقالت المالكية: الوقف: هو جعل المالك منفعة مملوكة ولو كان مملوكاً بأجرة أو جعل غلته كدراهم لمستحق بصيغة مدة ما يراه المحبس، والوقف عند الجمهور سنة مندوب إليها.