أولاً: أن من كان له مال يكفيه- سواء أكان ذلك من مال زكوي أو غير زكوي، أو من كسبه وعمله أو من أجرة عقارات أو غير ذلك- فليس له الأخذ من الزكاة. ويعتبر وجود الكفاية له ولعائلته ومن يعوله، لأن كل واحد منهم مقصود دفع حاجته، فيعتبر له ما يعتبر للمنفرد. وجمهور العمال والموظفين من هذا الصنف الذي يعد غنياً بكسبه المتجدد، لا بماله وثروته المدخرة. فلو كان من لا يملك نصاباً فقيراً، لكان كل هؤلاء يستحقون الزكاة. وهذا غير مقبول.
ثانياً: أن من ملك من أموال الزكاة نصاباً- أو أكثر- لا تتم به كفايته لنفسه ومن يعوله. فله الأخذ من الزكاة، لأنه ليس بغني.
فمن له عروض تجارة قيمتها ألف دينار، أو أكثر، ولكن لا يحصل له من ربحها قدر كفايته- لكساد السوق، أو كثرة العيال أو نحوها- يجوز له الأخذ من الزكاة.
ومن كان له مواش تبلغ نصاباً، أو له زرع يبلغ خمسة أوسق، لا يقوم ذلك بجميع كفايته، يجوز له الأخذ من الزكاة ولا يمنع ذلك وجوبها عليه، لأن الغنى الموجب للزكاة هو ملك النصاب بشروط. أما الغنى المانع من أخذها فهو ما تحصل به الكفاية ولا تلازم بينهما" (فقه الزكاة 2/ 555).
أقول: جرت عادة الأغنياء أن يؤدوا زكواتهم في رمضان وذلك إلى الحول القادم فمن عرضت عليه زكاة ممن كان مظنة الحاجة خلال العام فله أخذها، والأحسن في هذه الحالة ألا ينفق منها على نفسه وعياله إلا عند الحاجة فإذا استغنى عنها خلال الحول تصدق بها ومن كان معه مال يكفيه إلى أمد معين وبعد ذلك قد يحتاج، والجهة التي يمكن أن تدفع له بينه وبينها أمد أو أن تحصيل حاجته يحتاج إلى زمن فله أن يسأل قبل الزمن الذي يتوقع احتياجه فيه.
اختلف العلماء في بقاء سهم المؤلفة قلوبهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فقال الحنفية ومالك: قد سقط سهم المؤلفة قلوبهم بانتشار الإسلام وغلبته، وقال الجمهور: حكم المؤلفة باق فيعطون عند الحاجة- وهو الذي نرجحه، الحج عند الحنابلة وبعض الحنفية من السبيل، فيعطى مريد الحج من الزكاة.