صلى الله عليه وسلم مثل البخيل والمتصدق، كمثل رجلين عليهما جنتان من حديد قد اضطرت أيديهما إلى ثدييهما وتراقيهما، فجعل المتصدق كلما تصدق بصدقة انبسطت عنه حتى تغشي أنامله وتعفو أثره، وجعل البخيل كلما هم بصدقة قلصت، وأخذت كل حلقة بمكانها، قال أبو هريرة: فأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بإصبعه هكذا في جيبه، فلو رأيته: يوسعها ولا توسع".
قال القاضي عياض: وقع في هذا الحديث (أي في بعض رواياته) أوهام كثيرة من الرواة وتصحيف وتحريف .. فمنه: مثل المنفق والمتصدق، وصوابه مثل المتصدق البخيل بالشك وصوابه جنتان بالنون بلا شك، والجنة: الدرع ويدل عليه الحديث نفسه [أي قوله]: (فأخذت كل حلقة موضعها)، [وقوله] في الحديث الآخر جنتان من حديد اهـ (شرح النووي 7/ 108). (1)
قوله (تغشي أنامله) أي تغطيها وتسترها. (تعفو أثره) أي تمحو أثر مشيته وتطمسه، يعني أن الصدقة تستر خطايا المتصدق كما يستر الثوب الذي يجر على الأرض أثر مشي لابسه، بمرور الذيل عليه، انظر شرح النووي، وهذه رواية مسلم حديث رقم (77) كتاب الزكاة توضح المعنى أكثر: عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل البخيل والمتصدق مثل رجلين عليهما جنتان من حديد. إذا هم المتصدق بصدقة اتسعت عليه، حتى تعفي أثره، وإذا هم البخيل بصدقة تقلصت عليه، وانضمت يداه إلى تراقيه، وانقبضت كل حلقة إلى صاحبتها" قال: فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "فيجهد أن يوسعها فلا يستطيع".