الإنفاق في سبيل الله من العبادات الرئيسية في الإسلام بل هو الركن الثالث في الأهمية بالنسبة لأركان الإسلام، وإنما يكون الإنفاق عبادة إذا كان بقيد كونه في سبيل الله، إذ يخرج بذلك ما كان إنفاقاً غير جائز إما على محرم أو بسبب الإسراف، أو كان داخلاً في دائرة المباحات التي لا ترافقها نية. والإنفاق في سبيل الله يدخل فيه ما هو فريضة: كالزكاة وصدقة الفطر، وما هو مندوب كالصدقات المطلقة والأوقاف، ويدخل فيه ما كان فريضة لإقامة فريضة أخرى كالحج والجهاد أو ما كان واجباً لأمر طارئ كإطعام جائع، ويدخل في الفرائض الإنفاق على العيال.
وإنما كان الإنفاق في سبيل الله عبادة لأن فيه معنى الطاعة لله، وفيه معنى الشكر لله على نعمة المال، كما أن فيه مجاهدة للنفس وتطهيراً لها من الشح وتعويداً لها عل الكرم، وهو من الأخلاق المفروضة على المسلم.
والزكاة بالنسبة لنظام المال في الإسلام تعتبر ركنه الركين فلا يقوم نظام المال في الإسلام بلا زكاة، فنظام الزكاة هو الذي يعدل طغيان رأس المال وهو الذي يبقي لرأس المال حركيته في أوسع دائرة وهو الذي يوجد سيولة مالية بيد جميع الناس، وهو الذي يحل مشكلات الكثيرين من الناس، ثم هو الذي يوجد نوعاً من العلاقات الاقتصادية الإنسانية، والذي يشد النفس إلى الخير ويبعدها عن الشر، فهي بدلاً من أن تأخذ رباً تعطي في الله ولله.
ومما يكمل دور الزكاة الصدقات والتي منها الأوقاف، فالأوقاف تتنامى على الزمن حتى لتشمل قسماً كبيراً من الأراضي والمرافق والأملاك فتحل بها مشكلات لا حصر لها وتتحقق بها فوائد كثيرة ومصالح ومقاصد خيرة ومن ههنا جعلنا في هذا الجزء مباحث الزكوات والصدقات والأوقاف، ولكون صدقة الفطر ألصق بشهر رمضان فقد جعلناها في جزء الصوم.
ولكون النفوس طلعة إلى المال ولكون المال محبوباً للنفس فقد ربى الإسلام الناس على