والمندوب إليه سائر الأذكار من قراءة القرآن والتسبيح والتهليل وغير ذلك فأما الواجب من الذكر فيحتمل أن يفضل على سائر أعمال البر من الجهاد والزكاة وغيرها فيقال إن ثواب المصلي أكثر من ثواب غيره إما على الإطلاق وإما في وقت من الأوقات أو على حال من الأحوال وأما المندوب إليه فيحتمل أن يفضل على سائر أعمال البر المندوب إليها لمعنيين أحدهما: أن الثواب عليه أعظم وهذا طريقه الخبر والثاني: كثرة تكرره وهذا يعرف بالمشاهدة والنظر.
وقال في "الفتح" بعد أن ذكر أنه قد يستشكل حديث أبي الدرداء هذا مع حديث .. المجاهد كالصائم لا يفطر وكالقائم لا يفتر، وغير ذلك مما يدل على أفضلية الجهاد على غيره من الأعمال الصالحة، (11/ 210):
وطريق الجمع- والله أعلم- أن المراد بذكر الله في حديث أبي الدرداء الذكر الكامل وهو ما يجتمع فيه ذكر اللسان والقلب بالتفكر في المعنى واستحضار عظمة الله تعالى، وأن الذي يحصل له ذلك يكون أفضل ممن يقاتل الكفار مثلاً من غير استحضار لذلك، وأن أفضلية الجهاد إنما هي بالنسبة إلى ذكر اللسان المجرد، فمن اتفق له أنه جمع ذلك كمن يذكر الله بلسانه وقلبه واستحضاره، وكل ذلك حال صلاته أو في صيامه أو تصدقه أو قتاله الكفار مثلاً فهو الذي بلغ الغاية القصوى، والعلم عند الله تعالى، وأجاب القاضي أبو بكر بن العربي بأنه ما من عمل صالح إلا والذكر مشترط في تصحيحه، فمن لم يذكر الله بقلبه عند صدقته أو صيامه مثلاً فليس عمله كاملاً، فصار الذكر أفضل الأعمال من هذه الحيثية.
2949 - * روى أحمد عن معاذ بن جبل (رضي الله عنه) قال: "ما عمل ابن آدم من عمل أنجى له من عذاب الله من ذكر الله".